الحروب الصليبية

الخميس، 3 فبراير 2011

فهمْـــتُكمْ / شعر عبد الرحمن العشماوي

فهمْـــتُكمْ بعدَ أعــوامٍ وأعْـــــوامِ
الآنَ أدْركتُ ،تفــريـطِي وإِجْـــرامي
الآنَ أدْركتُ معــنى أنَّكـــــــم بشرٌ
لكمْ حقــوقٌ ، ولســـتُم محـضَ أنعامِ
فهمـتكم يا بَني شعـبي وقـــــدْ لعِبتْ
بكُمْ جنــودي وقـــــوَّاتي وأَزْلامـي
نعم ، ملأْتُ سجــوني من أكَارِمــــكمْ
وكَانَ تعـــذيبُــهم رمْــزاً لإقْـدامي
حكمتُ بالسِّجــنِ تأبيــداً لطائــــفةٍ
أَصْلَيْـــتُها في سجــوني نـــارَ آلامِ
ولَمْ تَـدَعْ سَـعْيَـها للدِّيـنِ طائــــفةٌ
أُخـرى ، فأصْـــدَرْتُ فيها حُـكمَ إعْدامِ
جَعَــلْتُ أرضكُم الخضـراءَ مُعْـــتـقَلاً
حقَّـقتُ فــــــيهِ بسيفِ الظُّلْمِ أحلامي
أطْـلَقْتُ فيـكم على ظُـــــلْمٍ جَلاَوِزَتي
ما بـــينَ لصٍّ وكـــذَّابٍ ونــــمَّامِ
نعمْ ، جَعَلْـتُ بيـــوتَ اللهِ خــــاوِيةً
مِـنْ كُــــلِّ داعٍ وصــــوَّامٍ وقـوَّامِ
حتى الأذانُ تــوارى عــن مآذِنِــــكم
وعن وســائل إعــــلاني وإعــلامي
أمَّا حجابُ العذارى فهــــو مُعْـــضِلةٌ
حَاربْتُـــها بإهــانـــاتي وإرْغــامي
نَعَــم ، جعلتُ منَ الطُّغــــيانِ لافِــتةً
فـــيها معَـالِمُ مِنْ قَـــسْـري وإلْزامي
لكِنَّني الآنَ يا شعـبي وقــد سَلَــــفَتْ
أيَّامــكم بمآســـــيها وأيَّــــامي
أقولُــها ، ونجــومُ الليــــلِ تَشْهَدُ لي :
فهِـــــمْتُكم ، وإليكم فــضْلُ إفْــهامِي
فهِـمْتُـــكم ، فلـــقدْ صرْتم عَــمَالِقـةً
وكُنتُ أبـــصرُ فيكم شـــكلَ أقـــزامِ
فهــمتها الآنَ ، إنِّي قـــدْ ظَـلَمْتُ ، ولـمْ
أرْحـم فـــــقيراً ، ولمْ أَلْطُفْ بأيْـــتامِ
ولمْ أقــــدِّمْ طـــعاماً للجـــياعِ ، ولم
أقـــــدِّمْ المــاءَ للمُسْـــتَنجدِ الظَّامي
ولمْ أقــــدِّمْ ثيـــاباً للعُــــراةِ ، ولم
أمنح تلاميـذكم حِـــــبراً لأقـــــلامِ
فهِمْتُكمْ ، فافْهَـموني ، وافْهموا لُغـــــتي
وقابـــلوا لُؤمَ أخــــلاقي بإكــــرامِ
إنّي سأفتَــــحُ أبـــوابَ العــطاءِ لكـم
وســوفَ أُصـــــــدِرُ للإصلاحِ أحكامي
هــيَّا ، ضعوا في يدَيْ أيـــديْ تعاونُكــم
يـــا أخـــوتي وبني عـــمِّي وأرْحامي
إنِّي صحوتُ على نورِ الصَّباحِ ، وقـــــدْ
طـــوَيتُ عِقْـــــدَينِ في ظُلْمٍ وإظـلامِ
فهمتكم ، أيُّــها الشعــبُ الذي دعَسَــتْ
أحلامَه في طــريقِ الجَــــوْرِ أقــدامي
الآن أدْركـــتُ أنِّي كـــنتُ في نفـــقٍ
منْ غفْــــلَـــتي وضــلالاتي وآثـامي
أَنْهى الحـــــديثَ ، ولمْ يفـطن لخطبـتهِ
إلاَّ الصَّــدى و الّلَظى في قَـــلْبِه الدَّامي
وجَلْجَـــــــلَتْ صرْخةُ المستـهزئينَ بهِ :
فــــــاتَ الأوانُ ، فلا تركن لأوهــــامِ
نســيْتَ أنَّ لــا ربًّــا نلــــوذُ بـــهِ
إذا تَــــطَاوَلَ فـينا جــــورُ حُــــكَّامِ


عبد الرحمن بن صالح العشماوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.