الحروب الصليبية

الاثنين، 28 مارس 2011

من هو أسامة القوصي ؟


هو رجل في العقد الخامس من عمره، متوسط القامة، يميل للنحافة، ذا لحية تميل قليلا للحمرة،   وشعر أسود فاحم السواد لم تغزه شعرة بيضاء كأنه مصبوغ، وجلباب وطاقية , يلقي دروسه وخطبه بمسجد الهدي المحمدي بمساكن عين شمس . فمن هو الشيخ أسامة القوصي ؟
أسامة عبد اللطيف القوصي مؤسس تيار "السلفية القوصية"، وهو تيار شبيه بتيار السلفية المدخلية في الجزيرة العربية الذي ينسب إلى الشيخ ربيع بن هادي المدخلي..

 القوصي بدأ حياته صوفيا، وانضم بعدها وهو في كلية الطب إلى جماعة تكفيرية مع مجموعة من أصدقائه مطلع السبعينيات في جامعة القاهرة، وكان يعتقد أن الدولة بمؤسساتها كافرة، وأن جميع من حوله ليسوا مسلمين، وتأثر كثيرا حينها بكتب سيد قطب وأبي الأعلى المودودي، وكان هو ومجموعته يصلون في المسجد ويكررون الآية الكريمة: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}، وقوله: { قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ} فيضجون بالبكاء؛ لأنهم كانوا يتصورون أن فرعون هو حاكم مصر، وقوات الأمن المركزي هي جنود فرعون الذين يحفرون لهم الأخدود.
كان القوصي على استعداد للموت في سبيل الله فهاجر إلى اليمن ليستكمل مسيرة الجهاد، لكن الأقدار دفعت به إلى مجلس الشيخ مقبل بن هادي الوادعي الذي قلب أفكار الرجل من النقيض إلى النقيض، ومحا من عقله الفكر التكفيري، وسافر معه إلى السعودية، إلا أن الأقدار التي جمعتهم فرقتهم مرة أخرى بعد أن رحلت السلطات السعودية كلا الرجلين إلى موطنهما بعد سجنهما شهرين بسبب مجموعة جهيمان العتيبي التي كانت تحيط بالوادعي قبل تنفيذ حادثة الحرم، ثم رحل كل من القوصي والوادعي إلى بلديهما قبل حادثة جهيمان العتيبي بشهرين تقريبا.
القوصي الذي ترك مصر وهو يرى أن حاكمها فرعون، وأن جنود الأمن المركزي هم أصحاب الأخدود، رجع إليها وهو يرفع الشعار المصري العريق (أعطِ العيش لخبازه "الحاكم" حتى لو أكل نصفه)، كما يكرر كثيرا في محاضراته ورجع لينادي "إمام غشوم خير من فتنة تدوم"، و"إمام ظالم وجائر يضرب ظهور الناس ويأخذ أموالهم خير من فتنة تدوم"، ويدعو إلى محاربة المظاهرات والإضرابات والقلاقل والانقلابات؛ لأن أهل البدع لا يعيشون إلا في إثارة الفتن، وأهل السلف يدعون إلى الأمن والأمان.
ويقول الرجل إن ما يدعو إليه هو السلفية الطيبة النقية التي ليست جماعة أبدان، بل هي جماعة أفهام، وليست جماعة بشرية وضعها بشر لا عصمة له، ويرى أن كل الجماعات دعوات جاهلية يجب أن تترك «دعوها فإنها منتنة»، حتى لو غررت بالشعارات الإسلامية، فالمهاجرون والأنصار أسماؤهم منزلة من عند الله، لكنهم كادوا أن يتحزبوا على أساسها لولا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حذرهم، فالجماعة المسلمة جماعة واحدة لا جماعات، وصراط واحد لا عشرات، وسبيل واحد وليس سبلا، ومن معالم المنهج السلفي تجمع المسلمين على ولاة أمورهم، وإن خالفوا الحق، لكنهم لا يسكتون على الفساد ولكن يقومون بإصلاحه، فالجماعة هي الحق، والجماعة هي السلطان.
والسلفية التي تعترف بالحاكم ولا ترى الخروج عليه لكن من جهة أخرى لا تعترف بمؤسسات الدولة الأخرى كمنصب المفتي وشيخ الأزهر هي خارجة عن النظام أيضا ويجب التصدي لها؛ لأنها تنازع الأمر أهله، فلو قال المفتي علي جمعة إنه لم تتم رؤية الهلال نقول له حاضر؛ لأن يد الله مع الجماعة، لكن الأهم من العبادات هي الأمور التي تتعلق بما يعم به البلوى، قال تعالى: {إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.
كما أن الرجل لا يؤصل لدعوته شرعيا فقط لكن عقليا كذلك؛ لأن العقل له منزلة مقدمة في الإسلام، فيتساءل: ماذا يستفيد الناس من مهاجمة الحكام والسلاطين؟ أصلح نفسك أولا وبيتك.. نحن نتحدث عن إصلاح الكون ولا نحسن الوضوء وخلافاتنا الدائرة في بيتنا لا نستطيع إصلاحها.. فلنبدأ حيث بدأ النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
وينعكس هذا المنهج "الأصل" عند القوصي على الفرعيات الأخرى، فبما أنه ليس لأحد أن يخرج عن فتوى علماء البلد الرسميين؛ لأن هذا نظام جمهورية مصر العربية، فإن فوائد البنوك حلال ليس لأنه يرى أنها حلال، بل لأن مفتي البلاد قال ذلك، وعندما يحلل المفتي البنوك فليس لأحد منا أن يفتات أو أن يخرج عليه "ومن يقدح في الشيخ علي جمعة -حفظه الله وأطال عمره وحسن من عمله- فهو على طريق يشبه طريق الخوارج ".
ولأن القوصي يرى أن محور الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان فإنه يحارب أي عمل جماعي خارج على نظام الدولة، ويناهض الجماعات الإسلامية والحزبية؛ لأنها في رأيه ضد مفهوم الجماعة ومن ثم فهم خوارج على النظام ومبتدعة في الدين، وحربه ضدهم تهدف إلى إنهاء التفرق في الأمة والتفافها حول سلطانها.
إلا أن القوصي يعتبر أن أخطر جماعة على الإسلام هي جماعة "الإخوان المسلمين" إلى الدرجة التي وصفها في محاضرة له بأنها "فكرة شيطانية"، ومن تحت عباءتها خرجت جماعة الجهاد، والتكفير والهجرة، وحزب التحرير، والجماعة الإسلامية.
ودعا الرجل صراحة وعلنا وفي أكثر من موضع لحظرها عمليا، إضافة إلى حظرها قانونيا لمنع أسباب الإرهاب الفكري، كما دعا إلى منع نشر كتب سيد قطب وأبي الأعلى المودودي، إلا أنه يلتمس للنظام العذر في عدم استئصالها نهائيا؛ لأن الإخوان مخترقون -حسب رأيه- لكل مؤسسات الدولة؛ ولذا فليس من السهل أن يقتلع الإخوان من البلد لأنهم "إخطبوط وسرطان"، لكنه دعا الجميع إلى التعاون في استئصال "الإخوان المسلمين".
ويدافع الرجل عن الحكومات التي لا تحارب المتدين -حسب رأيه- بل تحارب الجماعات.. ويتفهم استدعاء أجهزة الأمن له من آن لآخر واحتجازه في المطار ساعتين إيابا وساعتين ذهابا، ويقول: لابد أن يكون الأمر معروفا لأولي الأمر.. ماذا أدرس؟ وأين أدرس؟ وهذا حقهم كولاة أمر معرفة ما يجري في البلاد، وأنا أقول لهم شكرا وهم يعتذرون لي وأنا أقول لا تعتذروا.. البحث عن إرهابي في وسط 70 مليون مصري يقتضي أن يتعرض الـ70 مليون إلى مشكلات لكن لصالحهم.
وعلاقة القوصي برموز السلفية الأخرى ليست جيدة؛ فيكاد يكون قد هاجم كل الرموز السلفية المعروفة في مصر الوعظية منها والحركية، ويؤكد دوما أنه لا يهاجم أشخاصا بل يهاجم بدعا وضلالات، حتى إنه هاجم الفضائيات السلفية التي انتشرت مؤخرًا، ورفض اسم الفضائيات الإسلامية؛ لأنه ليس هناك إسلام 24 ساعة، فهذا لم يكن على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) لأنه ملل.. كما أن مشايخ السلفية المنتشرين في الفضائيات لم يسلموا من سخرية القوصي الذي وصفهم بأنهم مشايخ صدفة لا يملكون مؤهلا غير الغطرة واللحية، وقال ذات يوم عنهم: "ولو أراد أحدهم أن يشتغل عندي سمكريا لرفضت".
كما سخر القوصي من الهدف الربحي لتلك الفضائيات وقال عنها إنها لا هم لها إلا تحصيل الأموال والإعلانات، فإذا الشيخ فلان مرض يقومون بالإعلان عن مرضه لتتوالى بعدها الرسائل غير المجانية تقول: "شفاك الله يا شيخ"، ثم يتبعه إعلان: "تتشرف قناة كذا الذي يديرها الشيخ فلان بالإعلان عن "الغسالة الإسلامية".. غسالة زمزم المباركة.. توفير الطاقة؛ لأن الله سيسألنا عن المال.. البطانية الإسلامية التي تشع الدفء والحرارة والمودة والرحمة"، ويدعو القوصي إلى مشاهدة باقي الفضائيات؛ لأنها مفيدة حتى لو كانت تحتوي على الموسيقى؛ لأنها حلال عند الشيخ ويجد فيها النافع كما أن فيها الضار.
الواقعية السياسية جزء مهم ومفتاحي لقراءة عقلية القوصي؛ فالجهاد عند الرجل يرتبط بالمصلحة من ورائه، ويخضع لمعايير الخسارة والربح؛ لأن الغرض في النهاية هو النفع؛ ولذلك فالرجل شديد النقد والهجوم على الحركات الجهادية في العالم وحتى المقاومة في فلسطين؛ لأنها لا تحكم هذا المعيار، ووصفهم بأنهم حمقى ومغفلون، ونزع عنهم صفة المصلحين.
وذهب الرجل إلى حث حماس على قبول الصلح مع إسرائيل، كما فعل السادات، واستشهد بصلح الحديبية التي كان فيها إجحاف بالنبي، لكن النبي قبله؛ لأنه لم يكن قد تمكن من مقومات النصر بعد، والحال نفسه الآن بيننا وبين اليهود؛ فهم الأقوى ونحن الأضعف.
والقوصي يرى أن الجهاد في زماننا من فروض الكفايات؛ لأن هناك جيشا لكل بلد والجيش يسد هذا الواجب العيني، ولو قلت إن هذا الجيش جيش الطاغوت ستكون دخلت في عقيدة الخوارج حتى في جهاد الدفع والطلب؛ لأن الجيش المصري هو الموكل عنا وعليه الدفع حتى لو دخل العدو إلى البلاد.
وتأتي آراء الرجل السياسية منسجمة مع هذه القاعدة؛ فلا يكل من الهجوم على حماس والحلف السوري الإيراني، ويرى فيهم محور شر يريدون أن يورطوا بلادنا في الفوضى.
بينما يرى أن أوباما رجل عاقل "فرح العقلاء في كل الدنيا بعقله "أما الحمقى فهم الذين يرفضون ما قاله جملة وتفصيلا.. وأيد القوصي كلام أوباما عن الهولوكوست؛ لأننا كمسلمين مشفقون على كل من قتل من اليهود، لكن يختلف معه لأن الأمريكان لا يقبلون أن تقام دولة لليهود في أمريكا، لكن لا يستطيع أوباما أن يذكر ذلك، وختم حديثه عنه بقوله: "أوباما رجل متسامح.. رجل عاقل، وهو من بلد فيه اختلاف وفيه تعدد، نسأل الله أن يسخره، وأن يجعله سببا في الأمن والسلام في العالم، وأن يجعله سببا في إنشاء دولة فلسطينية يعيش فيها الفلسطينيون آمنين مستأمنين".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.