الحروب الصليبية

الثلاثاء، 22 مارس 2011

في مسألة النقاء العرقي والجنسية... صافي ناز كاظم






ما هذا الخلط الذي يقوم به البعض لربط النقاء العرقي بالجنسية؟ 
فهاهو حازم عبد الرحمن في مقاله بالأهرام (13/3/2011) تحت عنوان: «عنصرية النقاء العرقي» يكتب هذه الفقرة العجيبة، في تبرير رفضه للمادة 75 من التعديلات الدستورية، «... الواقع أن شرط النقاء العرقي، أو بالأصح خلوص الأصل المصري من أي عرق آخر عداه هو قيد عنصري يجب تبرئة الدستور منه»،
وهاهو المستشار هشام البسطويسي يقع في هذا الخلط ذاته، ناعتا شرط ألا يكون المرشح لرئاسة الجمهورية قد حصل على جنسية أجنبية من قبل هو أو والديه، بأنه «وضع شاذ جدا» يقوم «على مبدأ نقاء الدم الذي انتهى بانتهاء هتلر وانتهاء النازية»، وتساءل «لماذا لم تكتف اللجنة بإمكان التنازل عن الجنسية»، (ملحق شباب التحرير، «الأهرام» 17/3/2011، ومداخلته مع برنامج «آخر كلام» على إحدى فضائيات المذياع المرئي). 
والآن دعونا بالله عليكم نراجع سويا ونتأمل تلك المادة المتهمة بالدعوة إلى عنصرية النقاء العرقي ونقاء الدم وهاكم نصها فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية: «أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قد حمل، أو أي من والديه، جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجا من غير مصرية...»، فأين بالذمة شرط «النقاء العرقي والدم» المزعوم؟ وكيف تم استخراجه من شرط «مصريا من أبوين مصريين» و«ألا يكون قد حمل، أو أي من والديه جنسية دولة أخرى»؟ 
إن شرط الجنسية المصرية فحسب لمسؤولية رئاسة الجمهورية، غير ملوّثة بجنسية أخرى إلى جانبها تأخذ حامل الجنسيتين إلى ولاءين، أي إلى قلبين في جوفه؛ أي إلى نفاق عملي، ضرورة قصوى، حماية للشعب وللبلاد وشكل من أشكال «استشعار الحرج» لمن يحمل «التعهد»، وأدى القسم على ذلك، بالولاء لبلدين! هذه بدهية أندهش جدا من احتياجها كل هذا الشرح للتوضيح. 
أما «النقاء» العرقي المزعوم، الذي لا يوجد في الدنيا كلّها وهو حقا خرافة هتلرية، فهو غير وارد بالمرة في مادة التعديلات الدستورية، وحتى لو افترضنا العثور على مصري حوريس من أب هو أوزوريس وأم هي إيزيس، ولم يختلط دمه بنقطة دم من قمبيز أو غيره من الرومان واليونان، ثم حصل حضرته لسبب ما على جنسية غير المصرية فعليه أن يعلم أنه قد فوّت الفرصة، بإرادته، على نفسه ليكون له حق الترشيح لمسؤولية رئاسة جمهورية مصر! 
شيء يأسف له من وقع في هذه الورطة، لكن المهم ألا تأسف مصر في يوم من الأيام على عدم اتخاذ الحذر! 
إذن، فـ «نقاء الجنسيةْ» معناه أنك لم تحمل في حياتك جنسية بلد أجنبي إلى جانب تشرفك بحمل جنسيتك المصرية، وإن امتزجت في دمك أعراق البشرية كلها عبر السنوات والحقب والقرون، فالمطلوب هو التحقق من أنك ووالديك لم تزاوجوا مصريتكم بجنسية أخرى، ولن يسألك أحد عن سجلك الوراثي، ومن ثم فالشكوى من «عنصرية نقاء عرقي»، كتلك التي ادعاها حازم عبد الرحمن وهشام البسطويسي، لا محل لها، مع العلم بأن تعدد جنسياتك لن تمنعك من التصويت ولا من سائر حقوقك الممنوحة لك بشرف حمل الجنسية المصرية، وعلينا أن نحمد أمانة هذا الحرص المتشدد على حماية مسؤولية رئاسة جمهورية مصر من احتمالات التفريط، التي استوجبت بالضرورة شرط «نقاء الجنسية»، أسوة بما يشترطه الالتحاق بالجيش، وبالسلك الدبلوماسي، وعضوية المجلس النيابي. 
بل إنني أتمنى في الدستور الجديد أن يضاف الشرط بعدم انتماء المرشح لمسؤولية رئاسة الجمهورية إلى نوادي الروتاري والإنر ويل والروتر أكت والليونز، فهذه كلها نواد تترابط في حكومة عولمية خفية تقسم الكرة الأرضية إلى مناطق ومحافظات روتارية وليونزية لها حاكمها وميثاقها ورايتها وأغراضها وأسرارها المتكتمة! 
ياربنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.