الحروب الصليبية

الأربعاء، 23 مارس 2011

أسباب وعلاج الفراغ العاطفي بين الأزواج


لبرود العاطفي بين الزوجين يعد أحد أهم المشكلات التي تؤدي إلى تفكك الأسرة، فمجرد أن تنتهي الأشهر الأولى من الزواج يدخل كل من الزوجين في معترك الحياة العملية، حتى يشعران بالكآبة والملل، وثقل تكاليف الحياة وبرود العلاقة بينهما
الحياة الزوجية زاخرة، مفعمة بمعاني المتعة الحقيقية للحياة لدى الزوجين، والمرأة بطبيعتها تود أن
تعيش دفء المشاعر، والعواطف قولاً وفعلاً من كلمات لطيفة تشعرها بأنوثتها، وبحب زوجها لها، واحتياجه إليها، كما تحتاج هي إليه، وتسعى لرضاه وسعادته.





والبدايات الأولى للزواج تكون العلاقة فيها مليئة بالأشواق والمحبة والرومانسية واللهفة


 بداية من الخطبة، ثم الشهور الأولى في الزواج، وربما تمتد إلى سنوات.
وتمضي الأيام، فتفتر العلاقة بين الزوجين، وتبرد المشاعر ويخيم الصمت على الزوجين، وتعاني الحياة الزوجية من تراكمات تفقدها حيويتها، ويتسلل الملل والروتين للحياة بين الزوجين، فتتوارى العواطف واللهفة والشوق، ويسود النسيان واللامبالاة، ويغرق الزوج في أعماله وارتباطاته خارج البيت، وتغوص الزوجة في تربية الأولاد ورعايتهم، فتصبح المشاعر الدافئة والحب بين الزوجين والتعبير عنها قولاً، أو سلوكيات ومجرد ذكريات جميلة، يترحم عليها الزوجان.
عندها يسود الفتور، والنكد وتصبح الحياة بلا معنى ولا قيمة، ولكن من المسئول عن هذا البرود العاطفي، والفتور بين الزوجين؟ هل هي الزوجة أم الزوج، أم كلاهما معاً ؟ أم أن هناك عوامل أخرى مؤثرة؟






تتعدد الحاجات النفسية اللازمة للنمو الإنساني السليم من ضمن الحاجات إلى الانتماء، فالزوجة في حاجة إلى أن تشعر بأنها تنتمي إلى زوج وأسرة، وليست وحيدة حتى تشعر بالأمن، والطمأنينة والاستقرار النفسي، ولكن الانتماء لوحده لا يكفي، بل هناك حاجة أخرى وثيقة بالانتماء وهي التقبل أو القبول، فالمشاعر العاطفية بين الأزواج، مؤشر من مؤشرات التقبل، والحرمان من هذه المشاعر وتبادلها مؤشر من مؤشرات الرفض.
إن البرود العاطفي بين الزوجين يعد أحد أهم المشكلات التي تؤدي إلى تفكك الأسرة، فمجرد أن تنتهي الأشهر الأولى من الزواج والتي تحوي الأيام والليالي الحالمة، ويدخل كل من الزوجين في معترك الحياة العملية، حتى يشعران بالكآبة والملل، وثقل تكاليف الحياة وبرود العلاقة بينهما والانصراف إلى الحياة الجادة، وقد يستهلك عواطفهما، الطفل الذي يرزقانه بعد ذلك .
ومن أهم أسباب البرود كثرة ما يسمعه الشباب والشابات ويقرأونه من الغزل والهيام والحب، مما يجعل كلاً منهما يحلم بحياة كلها عاطفة بعيدة عن الجدية والواقعية، فينتظر دائماً كلمات المحبة والحنان، ويستنكر أي تصرف أو كلمة خلاف ذلك، ويعتبرها نهاية حياته الزوجية، وكم من الفتيات طلبن الطلاق لمجرد كلمة جارحة قالها لها زوجها لأول مرة، أسوة بما تسمع وترى في الأفلام والمسلسلات.




الفراغ الجنسي
إن كثيرا من النساء يفتقدن الإشباع الجنسي مع أزواجهن، مما يضطرهن في أحسن الأحوال إلى ممارسة الاستمناء كإشباع بديل أو مُكمل، أو حل هروبي من الوحشة والفراغ الجنسي أو خشية الانحراف والوقوع في المحظور. وقد وصفت لي إحداهن معاناتها من زوجها الذي ينهي علاقتهما الجنسية في وقت لا يمتد لأكثر من عشر دقائق، مدة لا تساوي في نظرها الوقت الذي تأخذه في زينتها أو النقود المدفوعة لتهيئة نفسها للقاء حميم. فهو ينهي هذا الفعل الذي يقوم به كأنه طالب يؤدي واجباته المدرسية الروتينية دون اعتبار لرغبتها أو وصولها لنشوة الجماع، ليتركها فريسة للجنس الذاتي. 
قد تبدو المشكلة فردية، لكن الدراسات المتخصصة تؤكد عكس ذلك، حيث يشير Fredric Allis إلى أن حوالي 72% من المتزوجين، و68% من المتزوجات يمارسون الاستمناء، وأن ما يقرب من 76% من النساء لا يبلغن النشوة الجنسية Orgasm أثناء الجماع، وأن 89% منهن يصلن إليها بمساعدة أنفسهن


 إن معظم الرجال لا يجيدون إيقاظ الشهوة الغافية في جسد زوجاتهم، ولا يعطون أنفسهم الفرصة لاكتشاف جغرافية ذلك الجسد. وتقف المرأة حبيسة الخجل أو الخوف من المواجهة، أو المطالبة بحقوقها الجنسية، فقد يواجه الطلب بالسخرية، أو الاستنكار، أو اللامبالاة من شريكها، وقد يصل الأمر إلى حد اتهامها بقلة الأدب وعدم الحياء، كونها تهتم بالمتعة الجنسية أو التصريح برغباتها. يزداد الوضع سوءا إذا حاولت الزوجة منح زوجها مفاتيح جسدها ومشاركته فنون الجنس والبعد عن الطرق التقليدية للوصول لأقصى درجة من المتعة. هنا يرتبك بعض الأزواج إذا اكتشفوا امتلاك زوجاتهم خبرات جنسية تفوق توقعاتهم، الأمر الذي يهدد الحياة الزوجية أحيانا، ولعلنا سمعنا منذ قريب عن الزوج الذي طلق زوجته بعد أيام من الزواج لاكتشافه أنها تتقن فنون الجنس وتبادر بالمقدمات والألعاب الجنسية فساوره الشك في خوضها علاقات أخرى قبله. في مثل هذه الحالات تلجأ بعض الزوجات للصمت وتكتفي بما تحصل عليه من زوجها وتكمل هي الجزء الناقص مع نفسها. 




أيضا بعض الأزواج يضطرون للممارسة لأنهم لا يحققون الإشباع مع زوجاتهم لأسباب تتعلق بقدرتهم الجنسية الفائقة، أو صعوبة المعاشرة في فترة الحيض أو الحمل والولادة، أو المرض، أو ابتعاد الزوج عن زوجته لفترة طويلة بسبب العمل أو السفر، الأمر إذا مرتبط غالبا بفائض الطاقة الجنسية عند الرجل.
اونوع من الرجال يمارس الاستمناء لأن زوجته لا تشاركه فتنته بالجنس، ولأن الاستمناء يمنحه لذة وسعادة لا تقارن بممارسة الجنس العادي والفاتر مع زوجته الجميلة.  يبدو الأمر غريبا خصوصاً إذا عرفنا أن الاستمناء غالبا ما يتم بمصاحبة خيالات إباحية مثل تخيل امرأة عارية أو مشاهدة صور ومشاهد خليعة أو تبادل أحاديث ساخنة عبر الانترنت أو التلفون مع طرف آخر.




كما أن تعرض الزوجين للنظر إلى من هو أكثر جمالاً من صاحبه، يؤدي إلى احتقار صاحبه لدرجة كبيرة.
ولا شك أن التودد والتلطف، وإعلان المحبة وتعلق القلب بالزوجة، من الخصال المحمودة التي يجب أن يتمتع بها الرجل، فأعظم العواطف التي تلعب دوراً مهماً في جمع الحياة الأسرية وتجدد معاني الحياة فيها، وتجمع شملها ما يكون من العاطفة العذبة الحلال بين الزوجين.
ومن هنا تأتي ضرورة البحث في المجالات التي تغذي العاطفة بين الزوجين، حتى تستمر الحياة بينهما في غاية الأنس والسعادة والسكن، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر: ” أفلا تزوجت بكراً تلاعبها وتلاعبك “. رواه الشيخان.
وبقدر ما تصاب هذه العلاقة بالبرود بقدر ما يضعف الرباط الأسري وتتفكك الآصرة بين الزوجين، ولعل أكثر المشاكل المادية والمعنوية ترجع إلى داء ” الفراغ العاطفي ” نجملها في الأسباب الآتية :
- اختلاف الزوجين من جهة الالتزام الديني، وهذه من أهم الأسباب التي تقيم الحواجز العالية بين التقاء العاطفتين، فالدين أساس كل فكرة وقصد وقول وحب وعمل. 


- اختلاف الزوجين من جهة الجمال الخلقي، فلا شك أن الأصل التقاء المتوافقين الجمال بالجمال، فكيف يعيش الزوج الجميل مع المرأة الذميمة وتكون سبباً في عفته، وكذلك الزوجة الجميلة لا يشبعها إلا زوج يجانس حالها، وهذه طبيعة فطرية في الخلق.




- اختلاف الزوجين من ناحية الطباع والميول.




- انشغال أحد الطرفين عن الآخر، إما ببرنامج الوظيفة أو التجارة أو العلاقات، أو الصداقات مما يؤدي إلى توسيع الهوة بين عواطف الزوجين، ويبعد أحدهما عن الآخر، ويضطر كل واحد منهما إلى بناء ما تيسر له من العلاقات التي تملأ عليه نفسه، بعد أن فقد العواطف الدافئة والمشاعر الحانية، التي لا يتمكن منها إلا في جوف بيته.




- الإغراق في العناية بالأولاد، والاهتمام بشئونهم ومداعبتهم، واستهلاك العواطف في رعايتهم وحنانهم ودلالهم.




- الزواج المبني على الإلزام لكلا الزوجين، أو أحدهما وهذا بلا شك إكراه.




- المشاكل الاجتماعية التي تكدر صفو البيت، وتعكر مزاج الزوجين وهي كثيرة، منها ما يكون أدبياً سلوكياً، ومنها ما يكون مادياً ومنها ما يكون شكلياً فقط.




- الحياة الروتينية في برنامجها ومكانها، ومظاهرها ومشاعرها، ومعارفها وعلاقاتها، ووسائل ترفيهها وتسليتها.




- الفراغ القاتل الذي تعاني منه كثير من البيوت، وهو بلا شك باب من أبواب الشر وكابوس من كوابيس الظلام، وأكثر ما وقعت فيه المجتمعات المسلمة من الانحراف والضياع كان سببه الأول هذا الداء القاتل.




- الفروق الفردية.




- الواقعية في طلب الكمال لأن الكمال لله وحده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.