الحروب الصليبية

الثلاثاء، 11 يناير 2011

فقه التغيير ــ" ما اتبعتك على أنك نبيٌّ " ـ

كما ترون غيرت عنوان المدونة, وجعلتها " التغيير " نعم ! التغيير الذي كنتُ أبحث عنه منذ ما يقارب العشرين عامًا , وما زلتُ. ولسببٍ أو لآخر ما أبديتُ هذا التغيير , حتى وقع في يدي مقال للأستاذ الفاضل / إبراهيم العسعس , فكأنه نكأ ما بداخلي من جرح, وكأنما كان يحدثُ نفسه هو أيضَا بالتغيير ... وقد اقتبستُ منه - حفظه الله - هذا المقال الماتع , الرائع , الذي شفى غليلي , وأسكنَ فؤادي... وها هو :
1ــ يُروى أنَّ أحد العلماء ممن له أتباع ، اقترفَ ذنبـاً كبيراً فانفضَّ عنه كثيرٌ من مُريديه ، وخرج إلى مجلسه في اليوم التالي فوجد أحد تلاميذه بانتظاره يحمل له كتبه ، فتعجب من بقائه وسأله : لماذا لم تتركني كالآخرين ؟! فقال له التلميذ بكل ثقة : لم أتبعك على أنك نبيٌّ .ـ
   ـ2ــ قد تكون هذه " الكلمة القاعدة " بسيطة لدرجة السذاجة، وقد تبـدو أنها تحصيل حاصل ، وأنه لا حرج ولا صعوبة في التزامها . وهكذا كل القواعد سهلة جميلة عندما تكون مجرد قصائد يتفاخر الناس بها ، ويَعِدُون بتطبيقها عندما تـقع الواقعة ! ولكن عندما ينادي المنادي أن هلموا فقد حان وقت التطبيق ، نكصوا على أعقابهم ، فتضيع القواعد ما بين تأويلٍ بعيد ، أو تعصب أعمى ، أو تـفـلُّتٍ مُفرِّط ، أو مثالية مُفْـرِطة . ـ
   ـ3ــ لم أتبعك على أنك نبي ! عندما تـتبع أحدهم ، أو تعجب بأحد العلماء فإنه يكتسب حصانة بوعي أو بلا وعي منك ؛ حصانة تحفظه من الخطأ من وجهة نظرك ! أنت لا تقولها بهذه الصراحة ، ولكنك تمارسها ! تتبعه وكأنه نبي ، وتعجب به وكأنه معصوم ! ولو سئلت عن هذا الموضوع لشرحت لنا ساعات عن بشرية العلماء والمربين ، وأنهم يخطئون ويقصرون الخ ... ـ
   ـ4ــ وتظهر نبوة من تتبع ومن تحب عندما يبدأ الرجل يفقد توازنه ويتنقل بين الآراء ، ويغير أقواله كما يغير ملابسه ، فإن شرق شرقت معه ، وإن غرب غربت معه .. وليس هذا فحسب بل إنك تنصب نفسك مدافعاً عن تنقلاته ، وتشريقاته وتغريباته ، فإن قال : أسرعوا ، قلتَ : .. وفاز باللذة الجسور ، وإن قال : قفـوا ، قلتَ : لله درك من حكيم ! وإن قال : ناموا ! قلت : .. ولا تستيقظوا ! وإن قال : علينا أن نُثمن موقف فلان الذي يسمح للناس بالصلاة يوم الجمعة ! قلت : علينا وحوالينا وتحتنا وفوقنا ... ! والخلاصة أنك تفقد بوصلتك مع هذا الرجل ، ولا عجب ـ وأين العجب ؟! ـ ألم تتبعه على أنه نبي ؟!
   ـ5ــ والمشكلة تكبر وتدق عندما يكون هذا النبي صاحب تاريخ مشرف ومواقف سابقة ، فمثل هؤلاء الأنبياء تكون الفتنة فيهم كبيرة ، وسهولة تنصيبهم أنبياء تكون أسهل ! ـ
   ـ6ــ نظرياً أستطيع أن أقول لك : اعلم يا أخي أن الرجال يدورون مع الحق وليس العكس ... أستطيع أن أقول هذا وبسهولة ، وتستطيع أن تسمعه بسهولة ورحابة صدر ، لكن المهم مدى قدرتك على استحضار هذا الكلام في مواجهة من اتبعته على أنه نبي ! ـ
   ـ7ـ لم أتبعك على أنك نبي ! لها وجه آخر قبيح ، وهو ردة فعلك القوية عندما تتطلع على خطأ أو تقصير من هذا الذي اتبعته على أنه نبي ! وكم رأينا من نكص على عقبيه عندما رأى من أخ له ذنباً أو خطأ ! هذا وهو قرين له في السِّنِّ والدرجة ، فكيف إذا كان نبياً ؟! ـ
يحدث هذا لأنك تشتبك بهذه العلاقة وقد رفعتَ سقف التوقعات إلى الدرجات العُلى ، فإن صدر عنه ما هو من مقتضيات البشرية ، سقطت من علٍ ، وقلت في نفسك : ما كان ينبغي أن أثق أو أتبع ... وأقول لك : رفقاً بنفسك ، وبالبشر ، فأنت لا تتعامل مع أنبياء ، ولا مع ملائكة .. وقل لنفسك دائماً : ختمت النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم يا نفس ، فلا تصاحبي الناس على أنهم أنبياء ، وقل لمن تصاحب وتتبع ، لم أصاحبك ولم أتبعك على أنك نبي ! ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.