الحروب الصليبية

الخميس، 3 نوفمبر 2011

نجاسة دم الحيض:


298 - " يكفيك الماء و لا يضرك أثره " .
 [ الصحيحة ]
قال رحمه الله  :
أخرجه أبو داود ( 1 / 141 - 142 - بشرح العون ) و أحمد ( 2 / 380 ) قالا:
حدثنا قتيبة بن سعيد أنبأنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى ابن طلحة عن أبي هريرة :
" أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ! إنه ليس لي إلا ثوب واحد ، و أنا أحيض فيه ، فكيف أصنع ؟ قال : إذا طهرت فاغسليه ،ثم صلي فيه ، فقالت : فإن لم يخرج الدم ؟ قال " . فذكره.

و رواه البيهقي في " السنن " ( 2 / 408 ) من طريق عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة : حدثني يزيد ابن أبي حبيب به .
و تابعهما عبد الله بن وهب فقال : أخبرنا ابن لهيعة به .
أخرجه البيهقي و كذا أبو الحسن القصار في " حديثه عن ابن أبي حاتم"  ( 2 / 2 ) و ابن الحمصي الصوفي في " منتخب من مسموعاته " ( 33 / 1 ) و ابن منده في" المعرفة " ( 2 / 321 / 2 ) .
و قال البيهقي : إسناده ضعيف . " تفرد به ابن لهيعة " .
قلت : و قال ابن الملقن في " خلاصة الإبريز للنبيه ، حافظ أدلة التنبيه " ( ق 89 / 2 ) : " و قد ضعفوه ، و وثقه بعضهم " .
و قال الحافظ في " فتح الباري " ( 1 / 266 ) :
" رواه أبو داود و غيره ، و في إسناده ضعف ، و له شاهد مرسل " .
و نقله عنه صاحب " عون المعبود " ( 1 / 141 - 142 ) و أقره !
و قال الحافظ أيضا في " بلوغ المرام " :
" أخرجه الترمذي ، و سنده ضعيف " .
قال شارحه الصنعاني ( 1 / 55 ) تبعا لأصله " بدر التمام " ( 1 / 29 / 1 ) : " و كذلك أخرجه البيهقي ، و فيه ابن لهيعة " .
و اغتر بقول الحافظ هذا جماعة فعزوه تبعا له إلى الترمذي ، منهم صديق حسن خان في " الروضة الندية " ( 1 / 17 ) ، و من قبله الشوكاني في " نيل الأوطار " فقال ( 1 / 35 ) :
" أخرجه الترمذي و أحمد و أبو داود ، و البيهقي من طريقين عن خولة بنت يسار ، و فيه ابن لهيعة " .
و كذا قال الحافظ في " التلخيص " ( 13 ) لكنه لم يذكر الترمذي و أحمد .
أقول : و في كلمات هؤلاء الأفاضل من الأوهام ما لا يجوز السكوت عليه فأقول:
أولا : عزوه الترمذي و هم محض ، فإنه لم يخرجه البتة ، و إنما أشار إليه عقب حديث أسماء الآتي بقوله :
" و في الباب عن أبي هريرة ، و أم قيس بنت محصن " .
و لذلك لما شرع ابن سيد الناس في تخريج الحديث كعادته في تخريج أحاديث الترمذي المعلقة لم يزد على قوله :
" رواه أحمد " ، فلم يعزه لأي موضع من " سننه " ، بل و لا لأي كتاب من كتبه الأخرى . و كذلك صنع المباركفوري في شرحه عليه . إلا أنه جاء بوهم آخر ! فقال( 1 / 128 ) .
" أخرجه أبو داود و النسائي و ابن ماجه " !
ثانيا : إطلاق الضعف على ابن لهيعة و إسناد حديثه هذا ، ليس بصواب فإن المتقرر من مجموع كلام الأئمة فيه أنه ثقة في نفسه ، و لكنه سيىء الحفظ ، و قد كان يحدث من كتبه فلما احترقت حدث من حفظه فأخطأ ، و قد نص بعضهم على أن حديثه صحيح إذا جاء من طريق أحد العبادلة الثلاثة : عبد الله بن وهب ، و عبد الله بن المبارك ،و عبد الله بن يزيد المقرىء ، فقال الحافظ عبد الغني ابن سعيد الأزدي :
إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح ، ابن المبارك و ابن وهب و المقرىء .و ذكر الساجي و غيره مثله . و نحوه قول نعيم بن حماد : سمعت ابن مهدي يقول :" لا أعتد بشيء سمعته من حديث ابن لهيعة إلا سماع ابن المبارك و نحوه " .
و قد أشار الحافظ ابن حجر إلى هذا بقوله في " التقريب " :
" صدوق ، خلط بعد احتراق كتبه ، و رواية ابن المبارك و ابن وهب عنه أعدل من غيرهما " .
فإذا عرفت هذا تبين لك أن الحديث صحيح؛ لأنه قد رواه عنه أحد العبادلة و هو عبد الله بن وهب عند البيهقي و غيره ، كما سبق ، فينبغي التفريق بين طريق أبي داود و غيره عن ابن لهيعة ، فيقال : إنها ضعيفة ، و بين طريق البيهقي ،فتصحح لما ذكرنا . و هذا تحقيق دقيق استفدناه من تدقيقات الأئمة في بيان أحوال الرواة تجريحا و تعديلا . و التوفيق من الله تعالى .
ثالثا : قول الشوكاني : " إن الحديث أخرجه أحمد و أبو داود و البيهقي من طريقين:
عن خولة بنت يسار ، و فيه ابن لهيعة ". و هم أيضا ، فإنه ليس للحديث عندهم إلا الطريق المتقدم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى ابن طلحة عن أبي هريرة أن خولة بنت يسار .
فالطريق ينتهي إلى أبي هريرة لا خولة ، و عنه عيسى بن طلحة ، ليس إلا .
نعم قد رواه ابن لهيعة مرة على وجه آخر في شيخه فقال في رواية موسى بن داود الضبي عنه قال : حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عيسى بن طلحة به.
أخرجه أحمد ( 2 / 344 ) ، فهذا إن كان ابن لهيعة قد حفظه من طريق أخرى له عن عيسى بن طلحة ، و إلا فهو من أوهامه لأنها ليست من رواية أحد العبادلة عنه بل هي مخالفة لها كما سبق، و سواء كان هذا أو ذاك فلا يصح أن يقال في هذه الطريق أنها طريق أخرى و عن خولة أيضا ! !
و لعل الشوكاني أراد بالطريق الأخرى ما أخرجه البيهقي عقب حديث أبي هريرة ، من طريق مهدي بن حفص حدثنا علي بن ثابت عن الوازع بن نافع عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن خولة بنت يمان قالت :
" قلت : يا رسول الله ، إني أحيض ، و ليس لي إلا ثوب واحد ، فيصيبه الدم .قال : اغسليه و صلي فيه . قلت : يا رسول الله ، يبقى أثره . قال: لا يضر " .
و قال : " قال إبراهيم الحربي : الوازع بن نافع غيره أوثق منه ، و لم يسمع خولة بنت يمان أو يسار إلا في هذين الحديثين " .
و أخرجه ابن منده في " المعرفه " ( 2 / 321 / 2 ) و ابن سيد الناس في " شرح الترمذي " ( 1 / 48 / 2 ) من طريق عثمان بن أبي شيبة ، أنبأنا علي ابن ثابت الجزري به ، إلا أن الأول منهما قال " خولة " و لم ينسبها ،و قال الآخر : " خولة بنت حكيم " و هو عنده من طريق الطبراني عن ابن أبي شيبة ،و كذلك ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 282 ) من رواية الطبراني في الكبير و قال : " و فيه الوازع بن نافع و هو ضعيف " .
قلت : بل هو متروك شديد الضعف ، أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :" قال أحمد و يحيى : ليس بثقة " . و لذلك تعقب ابن التركماني البيهقي في تركه مثل هذا التجريح و اختصاره على كلام إبراهيم الحربي الموهم بظاهره أنه ثقة لكن غيره أوثق منه ! مع أنه ليس بثقة .

 و لعل قوله في رواية البيهقي " بنت يمان " ،و قوله " بنت حكيم " في رواية الطبراني و غيره ، إنما هو من الوازع هذا ، و من العجائب قول ابن عبد البر في " الاستيعاب " في ترجمة خولة بنت يسار بعد أن ذكر حديثها المتقدم :
" روى عنها أبو سلمة ، و أخشى أن تكون خولة بنت اليمان ، لأن إسناد حديثهما واحد ، إنما هو علي بن ثابت عن الوازع بن نافع عن أبي سلمة بالحديث الذي ذكرنا في اسم خولة بنت اليمان ( يعني حديث : " لا خير في جماعة النساء ... " )
و بالذي ذكرنا ههنا ، إلا أن من دون علي بن ثابت يختلف في الحديثين، و في ذلك نظر " .
ووجه العجب أن الحديث الذي أشار إليها بقوله " و بالذي ذكرنا هنا " إنما هو هذا الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه " و لا يضرك أثره " و هو الذي ذكره ابن عبد البر في ترجمة بنت يسار هذه كما أشرت إليه آنفا ، و هو ليس من رواية أبي سلمة هذا عنها و لا عن غيرها ، و إنما هو من رواية عيسى بن طلحة عن أبي هريرة كما سبق ، فهذا طريق آخر للحديث ، و فيه وقع اسمها منسوبا إلى يسار ،و السند بذلك صحيح ، فكيف نخشى أن يكون ذلك خطأ و الصواب بنت يمان مع أن راويه علي بن ثابت ضعيف كما أشار إليه ابن عبد البر بل هو متروك كما سبق .
 و أعجب من ذلك أن الحافظ ابن حجر لما نقل كلام ابن عبد البر إلى قوله " لأن إسناد حديثهما واحد " رد عليه بقوله : " قلت : لا يلزم من كون الإسناد إليهما واحدا مع اختلاف المتن أن تكون واحدة " فسلم بقوله إن الإسناد واحد ، مع أنه ليس كذلك ، و هو الإمام الحافظ ، فجل من لا يسهو و لا ينسى تبارك و تعالى .
رابعا : قول الحافظ فيما سبق : " و له شاهد مرسل " ، و هم أيضا ، فإننا لا نعلم له شاهدا مرسلا ، و لا ذكره الحافظ في " التلخيص " و إنما ذكر له شاهدا موقوفا عن عائشة قالت :
" إذا غسلت المرأة الدم فلم يذهب فلتغيره بصفرة ورس أو زعفران "  أخرجه الدارمي ( 1 / 238 ) و سكت عليه الحافظ (13)   و سنده صحيح على شرط الشيخين .
و رواه أبو داود بنحوه .
 انظر " صحيح أبي داود " ( ج 3 رقم 383)
و الحديث دليل على نجاسة دم الحيض لأمره صلى الله عليه وسلم بغسله ، و ظاهره أنه يكفي فيه الغسل ، و لا يجب فيه استعمال شيء من الحواد و المواد القاطعة لأثر الدم ، و يؤيده الحديث الآتي :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.