الحروب الصليبية

الجمعة، 20 مايو 2011

مولد السيدة نفيسة بمصر رعاية صوفية للشرك والخرافة

في صورة مأساوية لحال الكثيرين ممن اجتالتهم الطرق الصوفية عن دينهم الحق، وصرفتهم عن دعاء السميع القريب جل وعلا وتوحيده، واجتذبتهم إلى ملاعب الوثنية ومراتعها، وعلى مدار أسبوع كامل، هي عمر المولد المنسوب إلى "السيدة نفيسة".. شهدت ساحات المناسبة منكرات وممارسات فاضحة، مع أنها صورة متكررة ومتجددة للمناسبة التي يحييها أتباعها كل عام.

وتنوعت المشاهد المنكرة سواء داخل المسجد والضريح، أو فى الميدان المواجه للمسجد الذي يتوسط منطقة المقابر التي يتزاحم فيها الأحياء مع الأموات، حيث تعيش آلاف الأسر في المقابر في المنطقة الشعبية المسماة باسم "السيدة نفيسة" والتابعة لحي "الخليفة".

البداية شد الرحال...!
وكان الآلاف من أتباع الطرق الصوفية قد توافدوا من القاهرة وجميع المحافظات بمصر للمشاركة في طقوس المولد، حيث فاز المبكرون المحظوظون !! منهم بالإقامة في الخيام التي تمت إقامتها في الشوارع الضيقة وسط المقابر حيث تكدّس داخلها الرجال والنساء والأطفال.
عدد آخر من المتأخرين من الأسر والأهالي اضطروا إلى النوم مع أطفالهم ونسائهم فى الشوارع وفى وسط المقابر!
فيما لجأت فئة ثالثة ذات خبرة وحيلة من الوافدين للاحتفال إلى المسجد؛ ليصبح مشهدا مألوفا أن تجد أسرة تفترش أرض المسجد ويتناولون الطعام فضلا عن النوم والإقامة.

طقوس الخرافة على إيقاع الطبول!
أما طقوس المولد الشهير.. فحدّث ولا حرج؛ من حلقات الذكر الصوفي المسماة بـ"الحضرة" التي يقيمها مشايخ الطرق الصوفية، حيث ينهمك الشيخ مع مريديه وأتباعه فى التمايل على إيقاع الطبل والرق وهم يرددون الأشعار والمدائح.
وكانت الطريقة الخليلية من أبرز الطرق التي انهمك أتباعها في "الحضرة" على إيقاع الطبلة, ولولا أنك تجد بجوارهم بعض من يؤدون الصلاة لظننت أنك فى مكان آخر غير المسجد.
ووسط الزحام الخانق داخل المسجد يظهر بعض من يوزعون أرغفة اللحم والفول النابت، وهي وجبة يسمونها "النفحة"؛ فتجد من يلح عليك أن تأخذ النفحة فهي "نفحة السيدة نفيسة" وعلى الرغم من المظهر السيئ والأيادي القذرة والملابس الملوثة للقائمين بتوزيع هذه النفحة لكن الفقراء القادمين من الأرياف يقبلون على أخذها وأكلها بنهم كبير من شدة الجوع وسط هذه الأجواء والطقوس، فيما يلجا آخرون إلى بائع "السميط" (نوع من المعجنات) الذي يتجول بين المصلين والمنهمكين في حلقات الذكر، في موسم "نفيس" بالنسبة له!

ملاعب الوثنية..!
فإذا تركت المسجد لتحاول أن تدخل "المقام" الذي يضم الرفات المزعوم لصاحبة الضريح "السيدة نفيسة" فقد تجد نفسك محمولا رغما عن أنفك وسط تيار الحشود المندفعة من الرجال والنساء والعجائز إلى داخل المقام للحصول على البركة, حيث يشهد المقام صراعا وثنيا محموما للوصول إلى الخشب والحديد المزركش باللون الأخضر والفضي في محاولة من الجميع أن يلمسوا حديد وخشب المقام, كما تجد من يحاول إيداع أموال كان قد نذرها للسيدة نفيسة إذا شفي من المرض أو نجح الولد في الامتحان أو رزقت البنت بابن الحلال؛ إلى غيرها من أمنيات السذج والجهلاء والبسطاء الذين لوثت الخرافة القبورية فطرهم.
ووسط هذه الحالة من الضجيج الشديد داخل "المقام" ربما تحتاج لوضع قطعة من القطن فى إذنك بسبب الأصوات المتداخلة المتناقضة، فمنها زغاريد لنساء فرحات بأن بناتهن رزقن بالعريس، ومنها صرخات وبكاء من متوسلين ببركات السيدة نفيسة ترتفع أكفهن بالدعاء لرفع الضيق والضنك الذي يواجهنه.
أما خارج المسجد فإن الوصف الشعبي الشهير "سداح مداح" يعتبر أدق وصف لحالة الفوضى العارمة، حيث تتداخل أصوات المنشدين بعضها مع بعض عبر مكبرات الصوت، مع تقارب السرادقات التي يقف داخلها المنشدون والمداحون وفرقهم الموسيقية, لكن السرادق الخاص بالمنشد الشهير "ياسين التهامي" كان هو الأكثر ازدحاما حيث تهافت عليه المحبون لإنشاده الصوفي من أشعار ابن عربي، وعلى الرغم من أن غالبية من يستمعون للتهامي لا يفهمون معاني شعر ابن عربي (المخالف للعقيدة الإسلامية) لكنهم يتمايلون في طرب على إيقاع صوت المنشد وفرقته الموسيقية.

) شيشة ( وتحرش وفواحش! وساويروس !!
وكما هو المألوف في كل عام تنتشر المنكرات العديدة انتشارا يجلّي حقيقة هذه المناسبة التي ترتع فيها الشياطين وترفع راياتها.
فهذه جلسات تدخين الشيشة تنافس فيها النساء والفتيات وبأعداد كبيرة الرجال؛ ويجلسن مثلهم على المقاهي, بل تجد المرأة أو الفتاة تدخن الشيشة مع زوجها أو صديقها، كما يعتبر المولد فرصة للعشاق للتلاقي المحرم, إضافة لكونه فرصة ومرتعا كبيرا لهواة التحرش بالنساء والفتيات وسط حالة الزحام الرهيبة، حيث لا تستطيع قوات الشرطة السيطرة على الحشود الكبيرة فى مثل هذه الموالد.
وفي السياق نفسه فإن الخيام المزدحمة المختلطة تساعد على حدوث هذه المنكرات بسهولة، بل تعتبر مثل هذه الموالد فرصة كبرى للتواعد على الفاحشة بالأجر والزمان والمكان في مواقع بساحة المولد بعيدا عن رقابة شرطة الآداب.
ورغم أن الموالد في مصر بصفة عامة تكون موسما تجاريا للباعة الذين يبيعون بضاعتهم بسهولة وبأسعار مجزية للصعايدة والفلاحين القادمين من القرى والنجوع فى الأرياف إلى جانب الطابع الروحى لمشايخ الصوفية وأتباعهم ومريديهم , إلا أن السياسة لم تكن غائبة عن المشهد حيث فوجئ رواد المولد برجل الأعمال المسيحى نجيب ساويرس قد أقام سرادقا ضخما فى ساحة المولد وقام بوضع لافتة ضخمة مكتورب عليها " خدمة حزب المصريين الأحرار " وهو الحزب الذى أنشأه نجيب ساويرس بعد الثورة , وفى داخل السرادق قام الموظفون العاملون فى شركات ساويرس بتوزيع " النفحة " على رواد المولد وهو ما أدى إلى زحام رهيب من الناس ليحصلوا على ارغفة اللحمة والفول النابت التى يوزعها ساويرس , فى حين إنهمك الموظفون العاملون لدى ساويرس فى جمع التوقيعات من المواطنين لضمهم للحزب ووزعوا استمارات العضوية عليهم.

دعم رسمي وأمني وحضور نصراني!
على المستوى الرسمي من جانب الأجهزة الرسمية للدولة فإن المتعارف عليه كل عام أن الاحتفال بمولد "السيدة نفيسة" يتم نقله من خلال أجهزة الإعلام المملوكة للدولة، ويحضره وكيل وزارة الأوقاف ممثلا للحكومة، حيث يبدأ الحفل بتلاوة القرآن الكريم ثم كلمة شيخ مشايخ الطرق الصوفية "عبد الهادي القصبي" ثم يقوم أحد المنشدين بتلاوة المدائح والأناشيد وسط صياح من الجمهور الذى يصيح مستحسنا صوت المنشد.
ومن الناحية الأمنية كانت المفاجأة أن قوات الشرطة كانت متواجدة بكثافة في ساحة المولد، على الرغم من افتقاد الناس لها في الشارع منذ اندلاع ثورة 25يناير، وفي أحداث الفتنة الطائفية الأخيرة في منطقة إمبابة.
والعجيب أن بعض أصحاب المصالح الخاصة لم يغيبوا عن المشهد الهادر رغم انتفاء أية صلة لهم به سوى منفعتهم الخاصة، أحد هؤلاء كان "نجيب ساويرس" رجل الأعمال النصراني المتعصب، حيث استغل المولد للترويج لحزبه، ورفع بعض اللافتات الخاصة به!

صراع صوفي على هامش المشهد
وأخيرا.. فإن الحرب الضروس المشتعلة بين مشايخ الصوفية قد ألقت بظلالها على المولد حيث غاب المشايخ المناوئون لشيخ المشايخ المعين بقرار من الرئيس السابق مبارك والحزب الوطني, ورفض المشايخ المطالبون بعزل القصبى ترك الإعتصام الذى بدؤوه منذ أسبوعين فى مقر المشيخة العامة فى ميدان الحسين بمنطقة الجمالية, وفضلوا الاستمرار فى الإعتصام للضغط بهدف الإطاحة بالقصبى وأعضاء المجلس الصوفى الموالي له, فى حين ظهر القصبي في المولد هو وأنصاره مؤكدين أنهم لن يستسلموا للضغوط التى يمارسها خصومهم من المشايخ المطالبين بتنحي القصبي، ومعلنين تمسكهم بشرعية القصبي ومجلسه.

نداء للعقلاء...
كانت هذه لقطات ومشاهد من أحد الموالد الشهيرة التي تتجسد فيها مظاهر الشرك والبدعة والخرافة، جنبا إلى جنب مع الفواحش والمنكرات واختلاس الأعراض؛ مع مؤازرة رسمية وأمنية وإعلامية.. ترعى استقرار هذا المرتع الآسن واستمراره!
فهل من نداء يخاطب عقول من يرون هذا الفساد الكبير.. للرجوع إلى جادة الحق والامتثال لتحذيرات أهل العلم والسنة المستندة إلى البرهان والدليل؟!






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.