الحروب الصليبية

السبت، 26 مارس 2011

الكوكب الدري في الرد على أسامة القوصي

ظهر الشيخ أسامة في قناة النصراني ( نجيب سويرس) من يومين وكان معه لقاء في كثير من المسائل المطروحة الان على الساحة المصرية , فكانت منه طوام وبلايا - كعادته - , وحتى  لا ينطلي ما قاله على كثير من العوام , وممن لا يفقهون أمر دينهم , كان هذا الرد :


 والذي كان جوابا عن سؤال ورد إليه حول حكم تولي القبطي للرئاسة, وماذا ينبغي للمسلم فعله إذا كانت الحال تلك, وسيكون ردي بإذن الله بوضع الجملة من كلامه, ثم أُتبعها بالرد عليها, والله المستعان...


السائل: ما الواجب في حالة إذا تولى علينا رئيس قبطي نسأل الله العافية؟


فكان جواب الأستاذ: "ولا شيء, مثل يوسف مع ملك مصر!


فهل ارتد يوسف عليه السلام؟"


والجواب:


أن حالة يوسف عليه وعلى نبينا السلام تختلف بالكلية عن حالتنا الآن, فيوسف كان مسلما بين الكفار, أتيحت له الفرصة للمشاركة في وزارة هذا النظام الكافر, لتقليل الشر وإقامة شرع الله قدر الإمكان, وفي ذلك قال عليه السلام: (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم).


اما الآن في مصر, فلا وجود لهذه الصورة والحمد لله, بل الأغلبية الساحقة (والتي تفوق 94% على أقل تقدير) من أهل الإسلام, والدين الرسمي للدولة هو الإسلام, والمادة الثانية من الدستور تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع, وما حَكَمَ مصر إلا رئيس مسلم..!


والحقيقة –وللأسف- أن ما يريده الأستاذ تحديدا هو تمرير القول بأنه لا إشكال أبدا في أن يتولى غير المسلم رئاسة البلاد, وهو ما صرَّح به بقوله: "ولا شيء! مثل يوسف عليه السلام".. 


بل الأدهى: أن الأستاذ يرى أنه يلزمنا تقديم غير المسلم إلى تولي الرئاسة وولاية أمر المسلمين على الأغلبية المسلمة إن كان أكفأنا كما يأتي من كلامه! ويأتي إن شاء الله الرد عليه في موضعه.


ثم يقول": أنا قلت الدولة المدنية, وقلت إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من آذى ذميا فقد آذاني".."


وهذا لا نخالف الأستاذ فيه, لكن من هو الذمي؟


هو اليهودي أو النصراني الذي يقيم بين ظهراني المسلمين تحت حاكم مسلم يقيم شرع الله, يدفع الجزية وله علينا من الحقوق ما هو معروف.


تأمل!: يهودي أو نصراني


(1)محكوم بحاكم مسلم 


(2)في دولة إسلامية 


(3)تقيم شرع الله 


(4)يدفع الجزية! 


فهل يمكن أن يرتقي حال هذا الذمي من دفع الجزية إلى المسلمين إلى ولاية أمر المسلمين؟!!


وهل سيفرض هذا الحاكم الجديد الجزية على بني دينه من الذميين؟


بل هل سيلتزم هو دفع الجزية, كونه ذميا؟ وإلى من يدفعها؟


هذا كله يوضح لك مدى مجانبة هذا الكلام لشرع الله تعالى بل ولمقتضى العقل!, ولكن الطامة الأكبر –ولا حول ولا قوة إلا بالله- أن الأستاذ يقول:


"بينما يأتي أبو بصير وغيره فيسلمهم للكفار لأنهم ليسوا مواطنين في هذه الدولة"!!


فعلة إرجاع أبي بصير إلى الكفار –عند الأستاذ- هي كونه غير مواطن في دولة الإسلام!!


وهنا نسأل الأستاذ: المهاجرات اللاتي كن يأتين من عند الكفار –من خارج دولة المسلمين في المدينة آنذاك- هل كنّ مواطنات أم لا؟


قطعا لسن مواطنات, لا فرق بينهن وبين أبي بصير, فلماذا حرَّم الله إرجاعهن إلى "وطنهن" الأصلي؟ وقال فيهن: (فلا ترجعوهن إلى الكفار)!!


ما جواب الأستاذ؟ 


والذي لا يخفى على عوام المسلمين فضلا عمَّن له شيء من الثقافة الإسلامية, أن إرجاع أبي بصير إلى الكفار كان بمقتضى العهد الذي أبرمه النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين في الحديبية, أن من جاءه من الكفار مسلما يُرجع إليهم, ومن جاء من المسلمين مرتدا إلى الكفار فلا يلزمهم أن يرجعوه!


فأين هذه الحالة الخاصة المقيَّدة من التعميم والإطلاق الذي يمارسه الأستاذ القوصي و"المواطنة" التي يحاول حشرها في كل جملة؟!


وأين اعتبار الشراكة في البلد ها هنا؟!


بل يقال أيضا: إن كانت المواطنة هي السبب في ذلك, فلماذا أقر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج " المواطن" المسلم إلى الكفار فلا يردونه ويضمونه إليهم, وهو "غير مواطن" وغير مشارك لهم في البلاد؟!!


ثم ما الحال الآن..إن جاءنا مهاجر من إسرائيل على سبيل المثال مؤمنا, فهل نرده إليهم؟!


ثم يقول ما معناه: "بعد أن كوَّن أبو بصير رضي الله عنه جماعته وصار يقطع الطريق على قوافل قريش: رضي كفار قريش أن ينضم إلى النبي صلى الله عليه وسلم", وعبر الأستاذ القوصي عن ذلك قائلا: "أدخلوهم في المواطنة"!


وكما ترى: استخدام لكلمة "المواطنة" مرة أخرى في غير موضعها! ولا يدري أنه ينسف كلامه الذي يقرره بفعله هذا, إذ نسأله: فهل تفتي للمسلم غير المواطن الذي ينبغي أن نرده إلى الكفار, أن يقوم بتكوين جماعة تقطع الطريق على مواطني الدولة المجاورة "كإسرائيل مثلا" وقطع الطريق على بعثات السائحين القادمين من بلادهم إلى سيناء؟! وهل هذا من المواطنة في شيء؟!


ثم يستدل الأستاذ بآيات سورة الأنفال, فيقول عمن لم يهاجر: إنه 


" ليس مواطنا في دولتك"!


وكأن السبب في النهي عن ولايتهم هو أنهم ليسوا مواطنين!


وهذا خلط عظيم وتدليس من الأستاذ –سامحه الله-..


فالعلة هنا: هي تركهم الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام وقت شدة حاجة المسلمين إلى كل رجل ينصرهم, ومع ذلك, فإن طلبوا من المسلمين وقتئذ النصرة لقتال من يقاتلهم من أجل دينهم: وجب على المسلمين القتال معهم إلا على قوم بين المسلمين وبينهم ميثاق فلا ينقضون عهدهم.


وكالعادة, فالآية التي يستدل بها الأستاذ تنقض كلامه من أساسه: فهل من المواطنة أن أعين "المواطن" الفرنسي مثلا على قتال "المواطن" الفرنسي –شريكه في البلد الواحد- وأنا "غير مواطن" لا ناقة لي ولا جمل في هذا البلد؟!


ثم أيضا, فمفهوم الآية: أنه إن هاجر هذا الرجل من بلاد الكفر إلى بلد الإسلام فهو من أوليائي, فكيف نوفق بين ذلك وبين كلام الأستاذ السابق: إن هذا القادم من الخارج ليس مواطنا, فينبغي رده, لأنه جاء من بلد آخر, واستدل هناك بقصة أبي بصير؟!


فهل أواليه وأنصره وأضمه إلى بلدي أم أرجعه إلى الكفار؟!


هكذا والله لا يستدل المُبطِل إلا بما ينقض مذهبه!


ثم قال جوابا عن سؤال السائل عن نفس الموضوع, وهو تولي غير المسلم رئاسة البلاد: فقال:


" هذا ليس شرا بالدرجة التي يتوقعها الناس, فنحن شركاء في وطن واحد.."


ثم شرع يقص علينا قصة الضابط القبطي الذي كان صاحب فكرة استخدام المياه لتحطيم خط برليف, وفاتًه أن يستدل بكتاب الله تعالى, وفيه: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)...!


أفليس هذا حكما خاصا بشريكي في البلد الواحد –على حد تعبير الأستاذ-؟


أليست الآية في نفس الرجل الذمي الذي قال فيه الشيخ –ونحن نؤيده في ذلك- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: "من آذى ذميا فقد آذاني"؟!


ثم هل يُستدل بقصة كهذه على جواز تولي غير المسلم رئاسة البلاد وولاية أمر العباد؟ هل يقول بذلك عاقل؟


ألم يقرأ الأستاذ حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين, حين قال: "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" وقال في هذا الرجل: "أما إنه من أهل النار!". وقد استعان النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة بابن أريقط ليدله على الطريق وكان كافرا,فكان ماذا؟!


هل يساوي عاقل بين الاستعانة بغير المسلم في شأن من شؤون الدنيا وبين إعانته على تولي أمر عامة المسلمين؟!


هل يصح هذا القياس عند أحد من بني آدم؟


وعلى أسوأ تقدير, فإن فرضنا أن ديننا يجوِّز ولاية غير المسلم علينا في أمور الدنيا, فهل ولاية أمر المسلمين من "أمور الدنيا" كما يدعي الشيخ, ويستهزئ بمخالفه قائلا: "هو هيودينا الحج"؟ !!


وهل يصح الاستشهاد بما مفاده أنه لا مانع من ترشيح غير المسلم لرئاسة اتحاد الملاك في عمارة يسكنها مسلمون وغير مسلمين!!


الواقع أن ولاية أمر المسلمين لا نقول فقط إنها من أمور الدين, بل هي من أجلَّ وأعظم أمور الدين, وإن أولى وظائف ولي الأمر ومهامه والتي تسقط ولايته بالتقصير فيها: هي حفظ الدين..! وسياسة العباد بشرع الله, فهل حفظ الدين وتحكيم شرع الله من "أمور الدنيا" يا أستاذ؟!


وليتصور الأستاذ معنا الحال إذا ما تولى نصراني حكم البلاد, أفتراه يبذل جهده وماله بل ونفسه إن اقتضى الأمر دفاعا عن دين الإسلام؟


كيف ذلك وهو يعتقد في قرارة نفسه أنه دين محرف أتى به مدعِ للنبوة في جزيرة العرب؟


كيف وقد قال الله في هذا الرجل وأمثاله: "وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا"؟!


أما من ذكرهم الله في سورة المائدة "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى", فهم من وصفهم الله في نفس الآية بعكس ما وصف به أولئك, إذ قال فيهم: "وأنهم لا يستكبرون": أي ليس فيهم كبر ولا طغيان يمنعهم من قبول الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم, ولذلك وصفهم ربنا في الآية التالية بقوله جل وعلا: "وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين".


هل يتصور أن يَصدُق في هذا القبطي قول الله تعالى: (الذين إن مكنَّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر)؟! 


وإن فعل ذلك اتقاء شر رعيته من المسلمين مرة أو في فترة, فهل يصح أن تُعلَّق هذه الوظائف المهمة الجليلة به وهو من غير المسلمين؟


هل يُعَلَّق الأمر بالمعروف -من صلاة وزكاة وسائر أعمال البر- والنهي عن المنكر بمن لا يدين الله بالإسلام أصلا ولا يعرف عنه إلا رسمه!


هل يؤتمن غير المسلم على تطبيق شريعة المسلمين في البلاد؟


ثم إذا نزلنا إلى أرض الواقع, فمن نأتمن يا ترى على هذه المهمة العظيمة؟ 


من ادعى أن القرآن محرف وأنه زٍيد عليه في عهد عثمان رضي الله عنه, أم من يحتجز في الأديرة كل من سولت لها نفسها أن تسلم لله رب العالمين؟




-ثم الاستدلال بالاسم..و النسب! وأن نسبنا يمر ضرورة بالأقباط!! وفي ذلك يقول الأستاذ:


"هي كده..هو ده نسبك..مر بالأقباط..!"


والجواب: قد كان النبي صلى الله عليه وسلم قرشي النسب, ومع ذلك, فقد قاتل قريشًا حين أبت الدخول في دين الله تعالى!


وقتل أبو عبيدة بن الجراح أباه يوم بدر!


بل قبل ذلك, فقصص الأنبياء بين أيدينا في كتاب الله تعالى, قصَّ الله فيه ما دار بين أنبياء الله وأقوامهم المشاركين لهم في النسب, بل تأمل قول شعيب عليه السلام بعد أن أهلك الله قومه: (فتولى عنهم وقال يا قوم قد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين), وهم شركاؤه في البلد وفي النسب!


وتأمل كيف أنزل الله قرآنا يتلى في أبي لهب وهو الهاشمي القرشي!


وتأمل هذا الحديث:


" قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله : ** وأنذر عشيرتك الأقربين } . قال : ( يا معشر قريش ، أو كلمة نحوها ، اشتروا أنفسكم ، لا أغني عنكم مناللهشيئا ، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم مناللهشيئا ، يا عباس ابن عبد المطلب لا أغني عنك مناللهشيئا ، ويا صفية عمة رسولالله لا أغني عنك مناللهشيئا ، ويا فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، سليني ما شئت من مالي ، لا أغني عنك من الله شيئا) .


وقوله صلى الله عليه وسلم: "وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".


فأي اعتبار للنسب أقامه الشرع لمن كفر بالله العظيم؟!


والله إن هذه الطريقة في الاستدلال لتدل على خذلان عظيم من الله لهذا الرجل, أسأل الله أن يهديه وأن يصلح حاله وأن يزرقه التوبة قبل الموت, فهدايته أحب إلينا.


والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.