الأحزاب السياسية العربية تضم جماعات من المواطنين الذين يؤمنون بأهداف سياسية معينة، ونظرية سياسية مشتركة، وينظِّمون أنفسهم بغرض إيجاد ظروف أكثر ملاءمة لتحقيق برنامجهم السياسي الذي وضعوه، ومبادئهم السياسية التي اعتنقوها. ويمكن أن يكون من بين أهداف هذه الأحزاب الوصول إلى السلطة كوسيلة لوضع أهدافها موضع التطبيق.
والحزب السياسي يختلف عمومًا عن جماعات الضغط التي تتكون من الاتحادات المهنية، والنقابات العمالية، والهيئات الحرفية، إذ إن هذه الأخيرة ـ أي جماعات الضغط ـ لا تسعى إلى تولي السلطة في البلاد، ولكنها تسعى إلى الضغط على الحكومات لتحقيق مصلحة فئاتها وأعضائها. وتحاول جماعات الضغط أن تصل إلى تحقيق رفاهية أعضائها باستخدام الضغوط المناسبة لتجعل الحكومات تحقق لها برامجها الفئوية. انظر: ضغط المصلحة.
وكما عُرفت الأحزاب السياسية في البلاد الأوروبية وغيرها، فقد عُرفت أيضًا في البلاد العربية وانتشرت فيها أملاً في الوصول إلى الحكم، وتولِّي السلطة، وتحقيق الأهداف الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والوطنية التي تهدف إليها. وفي بعض الأحيان، كان بعض الزعماء السياسيين يتولون السلطة فرادى أو جماعات ثم يعملون على تأسيس حزب ليقوّوا به مركزهم في الحكم.
أنواع الأحزاب السياسية. هناك إشكالية تتعلق بتصنيف الأحزاب السياسية من حيث طبيعة تكوين الحزب وتنظيمه وأهدافه. وفي ضوء ذلك، يتم التمييز بين أحزاب الصفوة والأحزاب الجماهيرية وأحزاب الأشخاص. كذلك يتم التمييز بين أحزاب العقيدة، وأحزاب البرامج، أو بين أحزاب الرأي التي يمارس أعضاؤها حرية قبول أو رفض مواقف الحزب المختلفة، وأحزاب المبادئ التي يلتزم أعضاؤها بتبني سياسات الحزب واختياراته. وتعتبر محاولة عالم السياسة الفرنسي موريس دوفرجيه من المحاولات الأولى المهمة التي بذلت لتصنيف الأحزاب السياسية إلى أنواع مختلفة.
والأحزاب السياسية التي نشأت في العالم يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي:
1- الأحزاب البورجوازية أو المحافِظة مثل الأحزاب الأمريكية التي تعتمد على لجان قليلة الاتساع ومستقلة بعضها عن بعض، كما أنها لا تهتم كثيرًا بالانفتاح على الجماهير وإنما تهتم إلى حد أكبر بتجمع الشخصيات المرموقة. وفي مثل هذه الأحزاب، لاتؤدي المسائل العقائدية دورًا كبيرًا في نشاطها السياسي.
2- الأحزاب الاشتراكية الأوروبية التي يكون اعتمادها الأكبر على كثرة عدد الجماهير المنضوية تحتها. وفي هذه الأحزاب، يكون التنظيم الحزبي دقيقًا، ويلتزم بدفع اشتراكات منتظمة فردية لتمويل الحزب الذي يعتمد بالإضافة إلى الاشتراكات، على الهبات التي يقدمها التجار وأصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات وغيرهم في كل معركة انتخابية.
3- الأحزاب الفاشية والشيوعية التي تتمتع بمركزية قوية تقبض على زمام الأمور بقوة.
نشأت أغلبية الأحزاب التي عُرفت قبل بداية القرن العشرين الميلادي من داخل برلمانات بلادها. ولكن منذ مطلع القرن العشرين، ظهر كثير من الأحزاب خاصة الشيوعية والفاشية من خارج البرلمانات واكتسبت لنفسها قوة وسيطرة أدّت في كثير من الأحيان إلى تسلم الحكم في البلاد، ومنع غيرها من الأحزاب من أي عمل سياسي. انظر: الأحزاب السياسية.
أما ظهور الأحزاب السياسية في العالم العربي فقد بدأ منذ أوائل القرن العشرين. وربما كانت أولى تلك الأحزاب السياسية العربية التي ظهرت في المشرق العربي هي التي بدأت نشأتها في مصر. ففي العامين 1906م و 1907م وما بعدهما، ظهرت أحزاب في مصر تنادي بتطبيق مبادئ وسياسات لتحكم بها مصر. وكان من أهم أسباب ظهور هذه الأحزاب في مصر الوعي الذي كان سائدًا هناك بسبب مافُتح من مدارس في عهد محمد علي باشا ومن بعده، والمطبعة التي أقامها محمد علي، وثورات المصريين على الاحتلال البريطاني، مما أذكى في النفوس الرغبة في الاستقلال. وكان الإنجليز أنفسهم يشجعون بعض العناصر المصرية المنحازة إليهم، أو العربية النازحة إلى مصر، لتأسيس أحزاب سياسية لتناصر السياسة البريطانية وتعمل على تأييدها وترسيخ أقدامها. فكان لمثل هذه السياسة رد فعل عكسي جعل المصريين يمعنون في المطالبة بحقوقهم الوطنية.
ومصطلح حزب هو المسمى الأكثر شيوعًا في مجال العمل السياسي في العالم العربي، غير أن هناك مصطلحات ومسميات أخرى تعتبر أكثر شمولا من هذا المصطلح. فقد لجأت بعض الأحزاب إلى وصف نفسها بأنها حركة أو جبهة أو منظمة أو جماعة أو جمعية أو اتحاد أو مؤتمر أو غير ذلك، لتوحي بتحررها من القيود العقائدية والانضباطية الصارمة المفروض توافرها في الحزب السياسي. فالحركة مثلاً تيار عام يدفع طبقة من الطبقات أو فئة اجتماعية معينة إلى تنظيم صفوفها بهدف القيام بعمل موحد لتحسين حالتها الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو تحسينها جميعًا. وهي أكثر شمولاً من الحزب وأقل تماسكًا وانضباطًا منه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.