الحروب الصليبية

الاثنين، 31 أكتوبر 2011

بشار والقذافي.. ثنائي الإجرام والمصير‎ أسامة عبد الرحيم

من التالي؟!

بات من غير الواضح أن يتعظ المستبدين من الحاكم العرب بعد مقتل القذافي ، وحتى بعد إسدال الستار على العقيد الليبي المخلوع بهذه الطريقة التي كانت أكثر النهايات دموية منذ بداية انتفاضات الشعوب العربية ، فإن مصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي يجلس على صفيح ثورة ساخن ويقتفي أثر عميد الديكتاتوريين العرب ربما يكون أكثر مأسوية، المفارقة أن القذافي وصف شعبه بـ "الجرذان" فكان الجزاء من جنس الوصف وأتت نهايته في أنبوب مجاري جنب إلى جنب مع الجرذان، أما بشار ولأنه درس الطب لفترة وصف شعبه بـ "الجراثيم" فربما تأتي نهايته بحسب ما يشتهي في مرتع للجراثيم أو في مكب للنفايات .


أما الثورة السورية التي تخوض معركة غير متكافئة مع الجيش والأمن والشبيحة فقد زادها مقتل القذافي حماسا على حماسها وأملاً في الخلاص  ، ودعت إلى مزيد من المظاهرات والاحتجاجات ضد قطعة "الدومينو" الرابعة التي تترنح وتوشك أن تتهاوى في سورية, وربما بات الجميع على دراية كافية لقراءة رسائل القدر حينما يعلمون أن آخر مكالمة آجراها القذافي من جواله قبل مقتله بلحظات كانت مع دمشق ، وهو ما جعل الثوار في سورية يهتفون "يا سورية لا تخافي.. بشار بعد القذافي" وذلك في الجمعة التي تلت مقتل ملك ملوك إفريقيا .

والثورات كما هو معلوم لا تحمل أخبارا سارة دائما، فيها مد وجزر، ولكنها ستبلغ مداها بأقرب مما يعتقد من يناطحها، وبعد أداء القذافي السيئ ثم أداء بشار الأسوأ وإدعاء مبارك المرض ربما يستحق زين العابدين بن علي الشكر على عقلانيته في التعامل مع الثورة التونسية، لأنه الوحيد الذي حسم أمره منذ البداية و صدق بقوله "فهمتكم"، وجنب الشعب التونسي خسائر كانت ستضاف إلى خسائره واكتفى بما نهب وفر هارباً إلى جدة، لقد كان الأذكى بلا شك من القذافي لأنه انسحب في بالوقت المناسب، بينما كان المخلوع مبارك الأكثر عنادا وتشبثا بالبقاء في وطن نزح خيراته وأعاده إلى ما قبل التاريخ، وبالطبع كان أذكي من بشار الذي أدمن لعبة "اقتل شعبك قبل أن يقتلك" التي تعلمها من والده.

صناعة أمريكية

من جهته رفض الكاتب الصحفي محمد القدوسي مقارنة بشار بالقذافي وتشابه النهايتين قائلاً:" كما أن بصمات الأصابع تختلف دائما كذلك فإن المصائر تختلف باختلاف تضاريس الشعوب وثقافتها المسيطرة على اللحظة الراهنة".

وقال:" لا يمكن أن يتطابق مصيران وان يتشابها في ضوء ان النتائج المتقاربة تؤدي الى نتائج متماثلة"، مضيفاً :"النظام السوري مثل الليبي والمصري والتونسي وغيرها من الأنظمة الفاسدة..ذلك لأن الأنظمة العربية والإسلامية كانت مريحة تماما لأقدام أمريكا التى كانت تصنع منهم نعالاً تدوس بها على رقاب الشعوب".

مضيفا:" لقد صنعت هذه الأنظمة على عين واشنطن وصاغها الاستعمار لضمان تجريف خيرات وثروات الشعوب العربية ونقلها إلى الضفة الأخرى من الأطلسي"، وأوضح:" والنظام السوري في القلب من هذه المنظومة الموالية لأمريكا وقد أشرت لهذا سابقاً".

وقال القدوسي:" لقد اعترف لي ضابط مخابرات سوري أنه ليس هناك عداء بين سورية وواشنطن وهذا للاستهلاك الإعلامي فقط"، وأضاف:" نحن قلب المنظومة الأمريكية وواشنطن حريصة على استقرار نظام الأسد مثل حرصها على استقرار إسرائيل في المنطقة".

وأوضح:" أمام الثورة السورية المزيد من الدماء والتضحيات لأن هندسة النظام السوري مليئة بالأشواك أكثر ولأن واشنطن لن تسمح بسقوط الأسد قبل أن تضمن نظام موال لها ..ولأن تل أبيب لن تسمح بسقوط بشار حاميها بعد سقوط مبارك راعيها".

وتابع:" نحن بكل أسف نتوقع نهرا أطول من نهر بردى واشد حرارة وخصوبة من مياهه"، مضيفاً:" نتوقع نهرا من دماء الأبطال والشهداء ولن تتحرر سورية إلا بعد الخوض في هذا النهر والسباحة فيه مسافة قطعت منها شوطا كبيراً".

مشددا على أن سلطة بشار الأسد ليست أكثر من سلطة احتلال ولعلها أسوا من ذلك بكثير".

وين الفيس بوك ؟!

من جهته قال الصحفي الأردني ياسر أبو هلالة:"مشكلة العرب أنهم يقيسون على الثورة التونسية، ويترقبون تكرار مقولة "بن علي هرب". وهي صحيحة بعمومها، فتلك الأنظمة غير قابلة للبقاء ولا يتوقع أن يدخل أي منهم العام 2012. وتتنوع النهايات، فقد تكون هروبا إن وجد ملاذا آمنا، أو اختفاء من المشهد، أو محاكمة عادلة، أو انتحارا أو اغتيالا. والمسألة ليست شخصية أيا كانت النهاية".

ورفض أبو هلالة مقارنة نهاية بشار بتلك التي ختم بها القذافي كتابه الأخضر قائلا:"القياس مع الفارق، وهو كبير بين ثورة وأخرى. ولك أن تقارن بين بلد موحد طائفيا مثل تونس، وبلد متعدد الطوائف مثل سورية. في تونس الجيش وطني وإن كان يمثل نظام الحزب الواحد. في سورية نظام طائفي استغل التعدد الطائفي لتحريض الطوائف الصغيرة على الطائفة الكبرى. قدم نفسه باعتباره حامي الأقليات، وشطب مرة واحدة كل إرث سورية القومي منذ عهد الاستقلال".

ويؤكد أبو هلالة على النبوغ في التفكير الذي يجعل نظامي بشار والقذافي قريبي الشبه إلى حد بعيد بالقول:" يواجه النظام البدائي بأجهزة وأسلحة من مخلفات الحرب الباردة ثورة تنتمي لكل ما هو حديث في عالمنا. يعبر عن الثورة مشهد ساخر يقال إنه وقع فعلا: على حاجز التفتيش وجد جندي سوري قطعة غريبة، فسأل الشاب عن ماهيتها، فقال له إنها حاسب محمول. فسأله: "وين الفيس بوك"؟ وليس صعبا معرفة من الذي يواجه خطر الانقراض، الشاب أم رجل الأمن؟".

كيف يشعر بشار

ويبدو أن الديكتاتورين العرب لا يقرأ بعضهم تصريحات بعض، فكما قال مبارك أن مصر ليست تونس، قال القذافي أن ليبيا ليست مصر وانه ليس مبارك، وبنفس اللهجة ذات القشرة المتغطرسة والمرتعدة من الداخل قال بشار الأسد في مقابلة أجراها معه برنامج "أخبار الأحد" لقناة التلفزيون الروسية الأولى، انه من المستحيل تكرار السيناريو الليبي في سورية..!

وفي السياق ذاته يقول مايكل وايس في تقريره في صحيفة ديلي تلغراف، الآن وقد أصبحت صور معمر القذافي مليئة بثقوب رصاص الثوار، يجدر بنا أن نتساءل كيف يشعر الرئيس السوري بشار الأسد؟ فالطاغية السوري، مثل القذافي، قد قضى الأشهر الخمسة الأخيرة في حرب ضد شعبه، وإن كانت بدرجة أبشع، لأنه نفذ في التهديدات التي تمتم بها مسعور ليبيا".

ومثل القذافي، يواجه الأسد الآن تهما موثقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، فضلا عن عزلة دولية على مستوى العالم، فلا تكاد تجد مدافعا عن النظام السوري غير الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.

وكما كانت كتائب القذافي تسوم الليبيين سوء العذاب يذبحون أبنائهم ويستحون نسائهم، باتت أفعال الجيش والأمن والشبيحة لا تختلف في كثير عما كان تفعله الكتائب في ليبيا، فقد اختفى 5000 لاجئ فلسطيني من مدينة اللاذقية  قبل أسبوع، كما هرب السكان الآخرون، أو صودرت بطاقات هوياتهم، ولكي يستعيدوا البطاقات كان عليهم الذهاب إلى ناد رياضي، حيث تم اعتقالهم كرهائن، وأجبروا على الهتاف للنظام ليتم تصويرهم على أنهم مناصرون للديكتاتور.

لقد ردد الليبيون بالأمس مكرهين شعارات تمجد الديكتاتور من قبيل " الله..القذافي..وليبيا وبس" وباتوا اليوم يلعنونه جهاراً ويأخذون صورا تذكارية جوار جثمانه بالمجان بعد أن نجاه الله ببدنه ليكون لمن خلفه آية، فهل يتعظ بشار ويختار خيار زين العابدين بن علي ويقضى شيخوخته آمنا مطمئناً في روسيا، أم يركب رأسه ويمضى في عناده حتى يلقى مصير القذافي ، ويعثر عليه الثوار محشوراً مع الجرذان في أنبوب مجاري أو مختبئاً مثل الجراثيم في صفيحة قمامة عمومية؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.