الحروب الصليبية

الجمعة، 1 أبريل 2011

الصهيونية



الصهيونية حركة سياسية استعمارية أسبغت على اليهود صفة القومية والانتماء العرقي، ونادت بحل لما أسمته المشكلة اليهودية. عارضت اندماج اليهود في أوطانهم الأصلية ودفعتهم للهجرة إلى فلسطين زاعمة أن لهم فيها حقوقًا تاريخية ودينية. وتلاقت مطامع الصهيونية بأهداف الاستعمار في إقامة دولة يهودية في فلسطين.

الجذور التاريخية. الصهيونية الحديثة، عقيدة سياسية ناتجة عن مورثات أوروبية متعددة ومركبة، متجذرة في الواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي عاشه اليهود في الجيتوات (الجماعات) بأوروبا الشرقية على وجه الخصوص، والمجتمعات الأوروبية بشكل عام في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي. وقد ارتبط بهذه الأيديولوجية العديد من الحركات السياسية كالاشتراكيين والتحريفيين والمحافظين. وقد جمع ما بين هذه الاتجاهات المتنافرة اعتقادها المشترك أن اليهود منذ تاريخهم القديم يشكلون أمة وشعبًا، وأن ذلك قد منحهم حقوقًا قومية ثابتة، صامدة عبر الزمن، وغير قابلة للتغير، وأن تلك الخصوصية قد جعلت من اليهود شعبًا غير قابل للانصهار في بوتقة الحضارات الأخرى.
كذلك يدعي الصهاينة أن الشعب اليهودي قد وجد باستمرار في فلسطين منذ الوقت الذي جرى فيه تدمير المعبد الثاني في عام 63 ق.م، وأن حالة المنفى الدائم التي عاشها اليهود بعد تشريدهم على يد الرومان قد وضعتهم في موقع الغرباء في أنحاء العالم، وأن حالة الغربة لم تضعف أبدًا من جذوة رغبتهم للعودة إلى أرض أجدادهم، بل خلقت في نفوسهم استعدادًا دائبًا للنضال للحصول على أرض خاصة بهم. وهكذا فإن دعاة الصهاينة الأوائل قد اقترحوا على اليهود أن لا ينتظروا الانقاذ الإلهي لهم من المنفى، بل عليهم أن ينجزوا الاستقلال والانعتاق عن طريق تنظيم أنفسهم، وأن يتحملوا مسؤولياتهم لكي يوقفوا المأزق المتواصل من الاغتراب والشوق الحاد للعودة.
وقد حفزت الحركة الصهيونية بنمو الحركة القومية في أوروبا، وبالمشاعر والاتجاهات المعادية لليهودية التي ظهرت، ومورست بشكل خاص في أوروبا الشرقية. وكان المطلب الرئيسي لهذه الحركة محاولة تشكيل كيان يهودي مستقل في فلسطين، البلاد التي يعتقد الغالبية من اليهود أنها ملكية يهودية قديمة لإسرائيل، والتي أنشأوا على ترابها أول إمبراطورية لهم قبل ألفي عام.
وكان ثيودور هيرتزل، المؤسس الأول للصهيونية الحديثة قد أشار إلى أن على اليهود أن يشكلوا دولة يهودية خاصة بهم، وأن يهودية هذه الدولة يجب ألا تعتمد على الجوانب الدينية أو الإخلاص لليهودية وفضائلها، وإنما يجب أن تعتمد على الشكل القومي اليهودي.
بشكل أكثر تحديدًا، فإن الانبثاق القوي للصهيونية كان النتيجة المباشرة للعداء للسامية في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي في أوروبا. حيث دفع ذلك بمجموعة من المفكرين اليهود، وبخاصة في أوروبا الشرقية للتصدي لموجة العداء هذه. وفي عام 1882م كتب ليو بنسكر بيانًا تحت عنوان الانعتاق الذاتي لليهود، وفيه رأى أن اليهود في جميع أنحاء العالم قد ركزوا على العمل في مجالات المال والتجارة، ونتيجة لذلك افتقدوا أي اتصال بالآخرين. كما افتقدوا احترام الجماهير العمالية المرتبطة بالإنتاج وحراثة الأرض. واقترح عليهم أن يقرروا قدرهم بأيديهم، فيستعمروا الأرض، ويقوموا بتطويرها، ويركزوا على الزراعة. وفي عام 1884م شكل جمعية أصدقاء صهيون التي أصبحت فيما بعد أول جمعية تهاجر إلى فلسطين.
كما تأثرت الحركة الصهيونية بكتاب يهود من أمثال فلاديمير جابونيسكي، وموسى هس، وبشكل أكثر أهمية بثيودور هيرتزل، الذي تبنى لاحقًا فكرة تأسيس كيان يهودي في فلسطين. وقد كان مثل هذا التبني من قبل هيرتزل نقطة التحول في أهداف الحركة الصهيونية من مجرد بعث بسيط للثقافة اليهودية إلى إنشاء كيان قومي يضمن لليهود بعضًا من السيطرة السياسية في شؤون حياتهم. وهكذا بدأت الحركة الصهيونية عقيدة سياسية تطورت فكرتها من الحضور الثقافي ضمن الجماعة اليهودية في فلسطين، إلى تبني تشكيل كيان سياسي، قد يرقى فيما بعد إلى دولة، في أرض لم يكن غالبية السكان فيها من اليهود. وقد لقيت هذه الفكرة التفافًا شعبيًا حولها من قبل الجماعات اليهودية بعد بروز القيادة السياسية الجديدة للصهيونية وعلى رأسها ثيودور هيرتزل. وكان هيرتزل قد حدد أهداف الحركة الصهيونية آنذاك بأنه تحقيق ارتباط اليهود في أنحاء العالم، وحيثما وجدوا، بأواصر قومية والتأكيد على أن تصبح فلسطين التاريخية وطنًا قوميًا لليهود أينما كانوا.
وفي عام 1895م، كتب هيرتزل، المؤسس الحقيقي للصهيونية الحديثة والذي تحت قيادته تم عقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل سنة 1897م كتابه الشهير الدولة اليهودية. وفي هذا الكتاب رفض هيرتزل فكرة ذوبان اليهود في ثقافات الدول التي يعيشون فيها، ودعا اليهود إلى أن يوحدوا جهودهم ويبنوا دولة خاصة بهم. وقد رأى أن المكان الأمثل لتحقيق هذا المشروع هو أرض فلسطين نظرًا للروابط الرئيسية لليهود بتلك الأرض حسب زعمه. ومن أجل تحقيق الاستيلاء على فلسطين اقترح هيرتزل تشيكل شركة يهودية تكون مسؤوليتها اكتساب أرض فلسطين، وأن هدف تشكيل هذه الشركة هو أن تمول شراء الأراضي الفلسطينية وتشرف على زراعة وتنمية تلك الأراضي. ولسوف تقوم الشركة أيضًا بإيضاح مزايا الاستراتيجية الصهيونية لقادة الدول الأوروبية للحصول على مباركتهم وتأييدهم لها. أما المبالغ اللازمة لدعم المشروع الصهيوني فسوف تأتي من اليهود الأثرياء المندمجين في مجتمعات أخرى والذين لا يرغبون في الهجرة إلى فلسطين. واقترح هيرتزل أن يكون المهاجرون إلى فلسطين هم من اليهود الفقراء الذين لا شيء لديهم يهابون خسارته من جراء هجرتهم، وأن دور هؤلاء المستوطنين الأوائل يجب أن يكون زراعة الأرض وخلق مناخ يغري الآخرين من الطبقات الأخرى للاستيطان في فلسطين.
وقد تشكل البرنامج الصهيوني في المؤتمر الصهيوني الذي عقد في بازل في عام 1897م، وجاء في البرنامج مانصه: "إن غاية الصهيونية هي خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام، أما وسائل تحقيق هذا الهدف فكانت العمل على استعمار فلسطين بواسطة العمال الزراعيين والحرفيين والتجار اليهود وفق أسس مناسبة، وتنظيم اليهودية العالمية وربطها بواسطة منظمات محلية ودولية تتلاءم مع القوانين المتبعة في كل بلد، وتقوية وتغذية الشعور والوعي القومي اليهودي، واتخاذ الخطوات التمهيدية للحصول على الموافقة الحكومية لتحقيق الاستراتيجية الصهيونية. انظر: المؤتمر اليهودي العالمي.
وعلى الرغم من أن هيرتزل قد رأى أن فلسطين هي المكان المثالي لانشاء الدولة اليهودية بالنسبة للصهاينة، إلا أنه في برنامجه الصهيوني لم يستثن إمكانية قيام الكيان اليهودي في الأرجنتين أو أوغندا أو قبرص أو سيناء بوصفها أماكن محتملة لتحقيق هذا المشروع. والحقيقة أن هذه المسألة لم تحسم من قبل الصهيونية إلا بعد وفاة هيرتزل، حيث اعتبر الصهاينة فلسطين المكان الوحيد المناسب لقيام الدولة اليهودية. وقد بين ناحوم جولدمان الهدف الحقيقي لاختيار فلسطين بقوله : "...لأن فلسطين هي ملتقى طرق أوروبا وآسيا وإفريقيا، ولأن فلسطين تشكل بالواقع نقطة الارتكاز الحقيقية لكل قوى العالم، ولأنها المركز الاستراتيجي للسيطرة على العالم".
وحين تبنت الصهيونية ادعاءاتها في فلسطين، كانت تحكم من قبل الدولة العثمانية التي كانت ترفض بشكل قطعي قيام دولة يهودية على أرض فلسطين، ولذلك لم يكن ممكنًا أن يوضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ قبل عام 1917م، في نهاية الحرب العالمية الأولى، عندما هزمت بريطانيا وحلفاؤها الدولة العثمانية وهيمنت على فلسطين، عندها فقط تمكنت الحركة الصهيونية بعد ذلك من أن تندفع بفعالية باتجاه ادعاءاتها في الأرض المقدسة، وتنال دعم القوى الكبرى في محاولاتها لاغتصاب أرض فلسطين.
الصهيونية والإمبريالية. اندفع الصهاينة منذ عام 1902م بالضغط على البريطانيين لدعم برنامجهم. وقد اكتشف هيرتزل منذ بداية نشاطه حقيقة بديهية، وهي أنه لابد لتنفيذ المخططات الصهيونية من الاعتماد على دولة إمبريالية كبيرة، تقوم بتوفير الأرض للمستوطنين وحمايتهم من السكان الأصليين والدفاع عنهم في المحافل الدولية. لذا توجه هيرتزل إلى جميع الدول الكبرى ذات المصالح الإمبريالية في الشرق الأوسط، ابتداء بالدولة العثمانية ومرورًا بفرنسا وألمانيا، وانتهاء بإنجلترا. ففي ذلك العام حض ثيودور هيرتزل الحكومة البريطانية، وبشكل خاص وزير المستعمرات جوزيف تشمبرلين، على تأييد الاستيطان اليهودي في فلسطين. وخلال عامي 1915م و 1916م، ضغط القادة الصهاينة وبخاصة حاييم وايزمان على الحكومة البريطانية للتصديق على فكرة قيام وطن يهودي في فلسطين.
وفي 2 نوفمبر عام 1917م، وبعد مناقشات مكثفة داخل الحكومة البريطانية، وجه آرثر بلفور وزير الخارجية البريطاني رسالة إلى اللورد روتشيلد طالبًا منه توزيع النص الآتي على العصبة الصهيونية. وكان النص كما يلي :
"إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين. وستبذل أفضل مساعيها لتسهيل هذه الغاية، على أن يفهم جليًا أنه لن يسمح بأي إجراء يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها المجتمعات غير اليهودية القائمة في فلسطين، ولا بالحقوق أو بالمركز السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى". انظر: بلفور، آرثر جيمس.
وعلى الرغم من أن وعد بلفور قد شكل تناقضًا واضحًا للنتائج التي تمخضت عنها مراسلات مكماهون والشريف حسين. إلا أن معاهدة سايكس ـ بيكو هي التي أعطيت الأولوية في التنفيذ بعد نهاية الحرب العالمية الأولى مباشرة. وقد منحت هذه المعاهدة المشروعية الدولية عندما صادقت عصبة الأمم في 24 يوليو عام 1922م على الانتداب البريطاني لفلسطين وشرق الأردن، والذي عنى في نتائجه تمكين بريطانيا من الوفاء بوعدها تجاه الصهاينة. وقد كان وعد بلفور في عام 1917م هو التأييد الرسمي الأول من إحدى القوى العظمى للادعاءات الصهيونية في فلسطين. انظر: سايكس بيكو، معاهدة.
وكانت مقدمة التنفيذ لوعد بلفور قد بدأت في عهد الانتداب البريطاني، حيث جعلت بريطانيا اللغة العبرية من اللغات الرسمية في فلسطين، ومنحت اليهود الحرية الكاملة في إِنشاء مدارس يهودية وجامعة عبرية. كما عينت بريطانيا أحد اليهود الصهاينة، هو هربرت صمويل، مندوبًا ساميًا في فلسطين. وقد سعى هذا بدوره إلى إلحاق أعداد كبيرة من اليهود بالدوائر الحكومية وتمليك الصهاينة الأراضي الفلسطينية، ووضع اقتصاديات فلسطين تحت تصرف اليهود كما طلب بتهجير ثلاثة ملايين يهودي إلى فلسطين، فأصدرت بريطانيا قانون الهجرة لتنفيذ هذا الأمر. ويلاحظ أنه حينما دخلت بريطانيا إِلى فلسطين كان عدد اليهود 56 ألفًا وحينما غادرتها كان عددهم 750 ألفًا.
ومع أنه قد كانت في فلسطين على الدوام جماعة صغيرة من اليهود، كما كان الحال في دول مختلفة من أوروبا والشرق الأوسط، إلا أن إحدى النتائج الرئيسية لوعد بلفور كان مضاعفة الهجرة اليهودية في فلسطين.
وكلما ازدادت أعداد المهاجرين اليهود إلى فلسطين، ازدادت وتفاقمت الأزمة بين السكان الأصليين (المواطنون العرب الفلسطينيون) وبين المهاجرين الجدد، حتى تصاعد هذا التوتر إلى عنف وانفجارات في نهاية الثلاثينيات.


وبمرور الوقت، بدأ المهاجرون اليهود إلى فلسطين في تثبيت أقدامهم، بحيازة مواقع اقتصادية مهمة. وفي عام 1939م تمكن الصندوق القومي اليهودي والسلطات اليهودية من الاستيلاء على 1,500,000 دونم. وفي ذلك الوقت، وعلى الرغم من محاولات الوكالات اليهودية للهجرة، وعلى الرغم من أن كثيرًا من اليهود المهاجرين قد جلبوا معهم رأسمال يعتد به، فإن الأراضي الفلسطينية التي أصبحت تحت السيطرة اليهودية لم تتجاوز حتى نهاية عام 1939م 5% من الأراضي الكلية و 12% من الأراضي الصالحة للزراعة.
ولقد أعطت السلطات البريطانية دعمًا كبيرًا للوجود اليهودي في فلسطين. وفي تبريره لسياسة الدعم البريطانية للهجرة لفلسطين فقد ذكر اللورد بلفور : "إننا نعتبر قضية اليهود خارج فلسطين من أهم القضايا العالمية، ذلك لأننا نعتقد أن اليهود لهم حق تاريخي في أن يكون لهم وطن في بلادهم القديمة، شريطة أن لا يمنحوا ذلك الوطن على حساب تشريد أو قهر السكان الحاليين".
ومع أن العديد من المسؤولين البريطانيين قد أشاروا مرارًا وتكرارًا لحق الفلسطينيين في ألا يشردوا أو يقهروا في وطنهم، إلا أن أحدًا لا يستطيع أن يتصور كيفية تأمين هذا المبدأ مع تحقق هجرات يهودية واسعة في فلسطين. وعلى كل، فقد استمرت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، كما استمر تدهور العلاقات بين الفلسطينيين والقادمين الجدد. ونتيجة طبيعية لذلك، فقد بدأ الفلسطينيون يواجهون في آن واحد سلطات الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني لإقامة دولة في فلسطين.
وعلى الرغم من أن العرب الفلسطينيين قاوموا المؤامرات الصهيونية البريطانية وخاضوا حروبًا طاحنة وقاموا بثورات عنيفة خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين ضد الص

هاينة وضد الانتداب البريطاني كان من أبرزها الثورة الفلسطينية عام 1936م حيث أضرب الشعب العربي الفلسطيني لمدة ستة شهور وهو أطول إضراب في التاريخ، إلا أَن التوازن في هذا الصراع لم يكن لصالح الفلسطينيين العرب. فالفلسطينيون في صراعهم مع الصهاينة لم يكونوا مفتقدين للتنظيم والقيادة المقتدرة فحسب، ولكنهم كانوا ممزقين عشائر ومجاميع صغيرة. ولذلك فإن غياب التنظيم ووحدة العمل قد جعل تحقيق الهدف الفلسطيني في الاستقلال ومنع الهجرة اليهودية إلى فلسطين أمرًا غير ممكن التحقق في مثل تلك الظروف. ونتيجة لذلك فإن كثيرًا من الاحتجاجات والانتفاضات الفلسطينية ضد البريطانيين وحركة الهجرة اليهودية في نهاية الثلاثينيات قد انتهت نهايات مأساوية.
والحقيقة أن الخطوة الرئيسية باتجاه تنفيذ الأهداف الصهيونية قد تحققت في نهاية الحرب العالمية الثانية. ذلك أن الإرهاق الذي عانت منه الحكومة البريطانية خلال فترة الحرب، والأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها آنذاك قد جعلتها تتهيأ للرحيل عن فلسطين. وكان العالم، من جهة أخرى، قد بدأت تتنامى إليه أخبار مبالغ فيها عن الإبادة التي تعرض لها اليهود الأوروبيون في معسكرات الاعتقال على يد النازيين. وقد أدت هذه العوامل مجتمعة، إلى خلق مناخ مؤيد لقيام دولة يهودية، بدلاً من وطن قومي يدار من قبل البريطانيين كما اقترح في وعد بلفور.
وفي عام 1947م، طلبت بريطانيا ـ بعد أن عقدت النية على التخلي عن انتدابها لفلسطين ـ من الأمم المتحدة معالجة الصراع اليهودي العربي في فلسطين. وفي 3 سبتمبر عام 1947م تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 181 المتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية. وقد نادى هذا القرار بتقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام: القسمان الأولان يقسمان بالتساوي بين الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون آنذاك 70% من العدد الكلي للسكان واليهود الذين لا يشكلون أكثر من 30% من سكان فلسطين. أما القسم الثالث فيضم مدينة القدس، وتكون إدارته بنظام دولي.
وقد رفض العرب، والفلسطينيون بشكل خاص، قرار التقسيم هذا. حيث لم يأخذ بعين الاعتبار نسبة العدد السكاني للشعب الفلسطيني. ولأن غالبية الفلسطينيين قد اعتبروا المهاجرين الجدد من اليهود إلى فلسطين في حكم الأجانب الذين لا يملكون الحق في الإقامة الدائمة على هذه الأرض.
وفي 14 مايو 1948م أعلن اليهود من جانب واحد قيام دولة إسرائيل. وقد رفضت الحكومات العربية الاعتراف بهذه الدولة. واندلعت مباشرة الحرب بين العرب والدولة الصهيونية. وقد انتهت تلك الحرب بهزيمة للجيوش العربية، وكانت حقًا نكبة واجهها الفلسطينيون والعرب جميعًا. وقد نتج عن تلك الحرب تشرد ما يقارب 775,000 شخص من الشعب الفلسطيني إلى الأقطار العربية المجاورة.
وهكذا انتهى الفصل الأول في مأساة الشعب العربي الفلسطيني، لتتبعه، فصول أخرى أكثر قسوة ومعاناة، وأشد مرارة.
الصهيونية حركة عنصرية. تنكر الصهيونية على يهود الشتات حقهم في الانتماء إلى الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها. وتنكر الصهيونية على الفلسطينيين العرب حقهم في تقرير المصير على أرض وطنهم فلسطين. وتطبق الحكومة الإِسرائيلية التمييز العنصري بين عناصر المجتمع، فهي تميز بين اليهود الشرقيين واليهود الغربيين في الحقوق والواجبات كما تميز بين السكان العرب الفلسطينيين، أصحاب البلاد الأصليين، وبين السكان اليهود. كما أنها تمنع السكان العرب الفلسطينيين من حقهم في توسيع بيوتهم أَو البناء على أَرضهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.