الدكتور سعيد عبدالعظيم عضو مجلس شورَى العلماء، وعضو رابطة علماء المسلمين بالكويت، وعضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وعضو أمانة الدعوة السلفية بالإسكندرية، وأحد رموزها ومؤسِّسيها منذُ أكثر مِن خمسة وثلاثين عامًا، وذلك حين كان طالبًا بكلية الطب بجامعة الإسكندرية، وللشيخ باعٌ طويل في الدعوة إلى الله - عزَّ وجلَّ - في ربوعِ مصر وخارجها؛ لذا كان لنا معه هذا الحوار.
1- نريد من فضيلتكم نبذةً يسيرة عن الدعوة السلفية بالإسكندرية.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وعلى آله وصحْبه ومَن والاه.
أما بعد:
فالدعوةُ السلفية بالإسكندرية هي دعوةٌ تهدف إلى العودة بالأمَّة لمِثل ما كان عليه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصحابتُه الكرام، فالسَّلَف هم الصحابةُ ومَن تابعهم بإحسان، وسائِر القرون الخيريَّة وأئمَّة الدين العدول، والسلفيُّون مَن تابعوهم على هذا الفَهم إلى يومِنا هذا مِن أهل السنة والجماعة؛ ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 106]، قال العلماء: تبيضُّ وجوه أهل السنة والجماعة، وتسودُّ وجوه أهل البدعة والافتراق.
وقد ظهرتِ الدعوةُ السلفيَّة أوائل السبعينيات مِن القرن الماضي، وبدأت في الجامعة في كلية الطب والهندسة، ثم انتشرتْ في سائر الجامعة، ومنها إلى البيوتِ والمساجد وفي سائرِ أنحاء البلد، وتخطَّتْ حدود البلد بفضْلِ الله، ولا يُمكن فصل الدعوة عن جهود سلفية مبارَكة مِثل الشيخ الفقي والوكيل، وهراس وعبدالرزاق عفيفي، من أنصار السُّنة، وابن باز وابن عثيمين مِن السعودية، ومحدِّث ديار الشام (الألباني)، وكان للمطبعة السلفيَّة لصاحبها محبّ الدين الخطيب وابنه قُصي دَورٌ في نشْر هذه الدعوة المبارَكة، عن طريق طبْع كتب التراث، وبخاصَّة كتُب ابن تيمية وابن القيم، ولم تتعرَّض الدعوة لهزَّات عنيفة كتلك التي تعرَّض لها دعواتٌ أخرى على الساحة، ويعود السببُ في ذلك بعد فضْل الله إلى تجنُّب الغلوِّ في التكفير وتجنُّب العُنف ودخول البرلمان، وكانتْ دعوةً سلميةً علنيةً، وهيَّأ لانتشارها الواسع بركةُ المنهج واجتماعُ جهود العاملين في حقْل الدعوة.
2- هل لديكم برامج أو مشاريع اقتصادية أو إصلاحات سياسية في الفترة المقبِلة؟
تَمَّ فتْح ملفَّات عِلميَّة وإعلاميَّة، واجتماعيَّة وسياسيَّة، ونسائيَّة وشبابيَّة، والاهتمام بالموارد البشريَّة والقطاعات التخصصيَّة كالأساتذة والأطباء والمهندسين والمحامين، فلا بدَّ من استثمار أجواء العافية والارتفاع لمستوى النِّعمة واغتنام الفُرْصة، وإلا فنحن لا نَخلُق الفرصَ، وأيضًا لا نضيِّعها، وشأننا في ذلك كشأنِ سائرِ أصحاب الدعوات.
3- ما هي خُطَّتكم المستقبليَّة؟ وما هي أهمُّ الأولويات على أجندتكم؟
غايتنا مرضاةُ الله مِن وراء الأقوال والأفعال، والعملُ بطاعةِ الوقت ضابطٌ وميزان، ومحاولة تعميق المنهج المبارَك في النفوس فيما يتعلَّق بالعقيدة والعبادة، والأخلاق والسلوك، فلا حديثَ للناس إلا عن الأحداث السياسيَّة، ودبَّت رُوح الفتور إلى كثيرٍ من الطاعات والقُربات، وانشغلْنا عن إقامة الحقِّ في الخلقْ، وتعبيد الدنيا بدِين الله بالاتِّهامات الزائفة التي تشنُّها وسائلُ الإعلام، ومع ثبوت البراءة وتوضيح المفاهيم وتفنيد الشبهات، أرَى أنَّ أهم الأولويات والتي يجب أن تتركَّز عليها جهودُ الدعاة والعلماء اليوم وغدًا هو المحافظة على هُويَّة الأمَّة الإسلاميَّة، وإقامة واجِب العبودية، وتوضيح منهج الأنبياء والمرسلين في ردِّ الخلْق إلى الحقّ، وعلو الهمَّة، وشمولية النظرة، والعودة بالنَّفْس والأمَّة مِن حولنا لكتاب الله ولسُنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؛ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
4- هل هناك تعاونٌ بيْن الدعوة السلفيَّة بالإسكندرية والهيئات والجمعيات الدعوية الأخرى في مصر وخارجها؟
بعَثْنا برسائل طمأنة هنا وهناك، وقد زالتِ الموانع التي كانتْ تحول دون الالتقاء والاتِّصال - وذلك مِن فضْل الله علينا وعلى الناس - وقد جرَتْ مياهٌ كثيرة - كما يقولون - فقد تمايز وانقسم الناسُ إلى فسطاطين ومعسكرين، معسكر يُريد العودة للإسلام وتطبيق الشريعة، ومعسكر آخر يصدُّ عن سبيلِ الله وينفر مِن العودة لدِين الله، هذا بالإضافة إلى احتياجنا لأنْ يسمعَ الناس منا بدلاً مِن أن يسمعوا عنَّا، وأن نُحقِّق معنى الأخوَّة الإيمانيَّة والوحدة الإسلاميَّة؛ لهذا وغيره كان لا بدَّ من مدِّ جسور التعاون مع العاملين في حقْل الدعوة، وخصوصًا والقواسم المشترَكة كثيرةٌ، ومعظم صُور الخِلاف أقربُ للخِلاف السائغ الذي لا يُفسِد للودِّ قضية، وبالمناسبة فأنا عضو في مجلس شورى علماء المسلمين الذي يرأسه الدكتور عبدالله شاكر (رئيس جمعية أنصار السنة)، وعضو رابطة علماء المسلمين بالكويت برِئاسة أمين الحاج، وعضو الهيئة الشرعيَّة للحقوق والإصلاح برئاسة الدكتور نصر فريد واصل مفتى الجمهورية الأسبق، وعضو أمانة الدعوة السلفية بالإسكندرية، وعضو لجنة وثيقة الشَّرَف الدعوي والوطني للدكتور صلاح الصاوي، بالإضافة إلى الحِرْص على التواصُل مع كافة رموز الدعوة، ونسأل الله الإخلاصَ في القول والعمل.
5- كيف استفدتم مِن التقنية الحديثة كالإنترنت والفضائيات وغيرها؟
كنَّا ممنوعين مِن الظهور في الفضائيات ومِن السفر داخلَ مصر وخارجها إلا الحج والعُمرة، بل حُوصرنا داخلَ منطقة وسط بالإسكندرية، وبعدَ الثورة زالتِ الموانع بفضْل الله، ممَّا يسَّر حضور المؤتمرات والظهور في الفضائيات، وبالنسبة للنت فقدْ أصبحت شبكة الفتح الإسلاميَّة على الشبكة العنكبوتيَّة، والشبكة تشمل موقعي وموقع سلفية آل البيت، والإدمان والعنوسة، والقرآن الكريم، والأزهر غدًا، وأسلم تسلم، والبيت المسلم، وإفريقيا المسلمة، ونشر السنة، ومناصحة، وفكرتي، وغير ذلك مِن المواقِع، وهناك بثٌّ مباشر على الموقِع يوم الثلاثاء السادسة مساءً.
6- ابتليت الأمَّة بوجود العديد مِن الانحرافات الفكريَّة في مجتمعاتنا الإسلاميَّة، فما موقفكم مِن هذه الانحرافات؟
الانحرافات القديمة كالأديان المحرَّفة، وصرْف العبادة للمقبورين، والقول بعصمة الأئمَّة، وتقديم العقل على النقل، والقول بأنه لا يضرُّ مع الإيمان ذنب، والاكتفاء بالعلم أو النيَّات الطيبة، انحرافات ما زالتْ موجودة، وأُضيف لها انحرافات عصريَّة، مثل: العلمانية والليبرالية، والواجب علينا أن نتصدَّى للانحرافات سواء كانتْ قديمةً أو حديثة، فرغم تطوُّر الدنيا وتقدمها المادِّي إلا أنَّ الأصنام ما زالتْ تُعبَد في أدغال إفريقيا، ويجْثُون على الرُّكَب أمام تمثال العذراء في أوروبا، ويطوفون حولَ قبْر لينين في روسيا، وكل العبادات تُصرَف للمقبورين في بلادنا، وهذا مِن الشرك القديم، وتعتبر الديمقراطية صنمَ العصر، وهي وثنٌ يُعبَد مِن دون الله، وهي نظام يوناني قديم، وقدْ ألفتُ كتابي "الديمقراطية في الميزان"، ولي كثيرٌ من المحاضرات والخُطب في هذا المعنى.
7- ما هو تقييمكم للأوضاع في مصر والبلدان العربية في أعقاب ثورتي تونس ومصر؟
انتقلتْ رُوح الثورة مِن مكان إلى آخَر، فرَفْض الظلم وحِرْص الشعوب على رحيل الطغاة والطواغيت، انتقل مِن تونس إلى مصر، ثم إلى ليبيا واليمن وسوريا، وتوالتِ المظاهرات لأسبابٍ كثيرة ممَّا يُخشى معه عدم الاستقرار، وتعطيل الإنتاج وتعريض أمْن البلاد للخطر، ويُحاول البعض استباقَ الأحداث ووضْع دستور للبلاد يحول دون العودةِ للكتاب والسُّنة، حتى آل الأمرُ إلى فسطاطين ومعسكرين متمايزين: فريق يدْعو لتطبيق الشريعة والمحافظة على هُويَّة الأمَّة الإسلاميَّة، والفريق الآخر يُريدها دولةً مدنية تنسلخ عن دِين ربِّها ولا علاقةَ لها بالإسلام.
8- وبماذا تَنصحون الإسلاميِّين في مصر وتونس للتعامُل مع إشكاليات العصر والوضْع الراهن؟
الناس ينظُرون للأوضاع الراهنة على أنَّها بمثابة فرصةٍ تغتنم للتكريس لما ينشدونه، ومصر رائدةٌ ولا بدَّ أن تتقدَّم لتسبقَ الركب، والرائد لا يكذب أهله، والناس بلا علماءَ كالبهائم، فالعلماء قادَة، والفقهاء سادَة، ومجالسهم زِيادة، فضبط الأوضاع الراهِنة والتعامُل مع إشكاليات العصر يتطلَّب مِن الناس أن يَصْدُروا عن رأي العلماء والهيئات الشرعيَّة، وإلا عمَّتِ الهمجية وسادتِ الفوضى.
وفي الجُملة: لا بدَّ مِن العمل بطاعة الوقْت، والحرص على تقوى الله، ومتابعة الفرائض بالنوافل، والعلم النافع بالعمل الصالح في العُسر واليسر، والمنشط والمكره، وأنْ نكونَ على مِثل ما كان عليه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصحابتُه الكرام، فهذا هو المخْرَج مِن الفتنة، وسبيل الارتفاع لمستوى العافية، وتأدية شُكر النِّعمة؛ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2 - 3]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].
9- ما الذي يُمكن للإسلاميِّين تقديمه للبلاد؟
المسلم أنْفعُ الناس للناس، وأعظمُ صُور النفع ردُّ الناس إلى ربِّهم ردًّا جميلاً، وذلك بتوضيحِ منهج الأنبياء والمرسلين؛ ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]، لا بدَّ مِن التركيز على واجِب العبودية، فما مِن نبيٍّ إلا وقال لقومه: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59].
على الثوَّار أن يَهْدَؤوا وأن يَعودوا لبناءِ الوطن الذي يحبُّونه، لا أن يسْعوا لتدميره، وأن يمدَّ الجميعُ يدَ العون لتحقيقِ الأمن والأمان في العاجِل والآجِل، وألاَّ ينسبوا الفضلَ لأنفسهم، وإلا كانوا كقارون الذي قال: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78]، قال سبحانه: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ﴾ [القصص: 81]، فالفَضْلُ كله بيد الله؛ ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]، علينا أن نستشعرَ لُطفَ الله بنا، فالكلُّ يرَى ويسمع ما يحدُث في ليبيا وسوريا واليمن، وعلينا أن نسعَى جميعًا لاستئناف حياةٍ إسلاميَّة، وإلاَّ فالنعم تزول بالجُحود، وعلى الإسلاميِّين بصفة خاصَّة أن يكونوا أسوةً للخلْق ورحمةً بالبلاد والعباد، وأنْ يَضرِبوا المثل في خِدمة الناس كما فعَلوا أثناءَ الثورة وبعدها.
10- ما تصوُّراتكم المستقبليَّة للعالَم الإسلامي على المستويين الداخلي والخارجي؟
المستقبل للإسلام بغلَبَته وظهورِه على الأديان كلها؛ ﴿ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ﴾ [ص: 88]، وواهمٌ مَن يظنُّ أن الإسلام لا يُمكن تطبيقُه في مثل هذا العصْر؛ فقد أخبر الصادِق المصدوق - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ المهديَّ يملأ الأرض عدلاً بعدَ أن مُلِئت جورًا، وأنَّ المسيح - عليه السلام - ينزِل في آخِرِ الزمان حَكَمًا عدلاً، وإمامًا مُقسطًا، يحكم بشريعة الإسلام، فهو أحد حُكَّام المسلمين، وصحابي مِن صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما وصَفَه الإمام الذهبي، لا يجوز اليأس ولا القنوط ولا التشاؤم تُجاهَ الأحداث؛ فالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((بشِّروا ولا تنفِّروا))، والواقع يصدق، والآلام التي تمرُّ بها الأمَّة أشبه بآلامِ المخاض الذي يعْقُبه الفرَحُ، والأمَّة التي انتصرتْ على الطُّغاة والطواغيت لن تستكينَ لإذلال يهود، وستحدُث المواجهة مع الروم بإذنِ الله، وتنتصر الأمَّة على يهود، ويتمُّ فتحُ بيْت المقدس، بل وستُفتَح رُومية (وهي رُوما عاصمة إيطاليا اليوم)، كما أخبرتْ نصوص الشريعة، وهذا يَتطلَّب أن يعودَ المسلمون أقوياء في أسلحتِهم ومادياتهم ومعنوياتهم؛ ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].
11- في نظركم ما السبب في الهجوم الشديدِ على السلفيَّة بعد التعديلات الدستورية؟
الهجوم الشَّديد على السلفيِّين بعدَ التعديلات الدستوريَّة كان سببه نتيجة الاستفتاء الذي أظْهَر حجم النصارَى والعلمانيِّين والليبراليِّين على الأرض، فقد شحنوا الناس شحنًا دِينيًّا ليتمَّ التصويت بـ"لا"، واستخدموا كلَّ وسائل الإعلام ولأوَّل مرة يُشارِك السلفيُّون في مثل هذا الاستفتاء، فظهَر وجودهم الحقيقي في الساحَة، هذا بالإضافة إلى المؤتمرات الحاشِدة على مستوى مصر، وكأنَّ الدنيا قد نامتْ نومةً طويلةً، وفتحت عينها بعدها على طوفان جارِف أو مارِد ضخم يُسمَّى السلفيِّين، ولا ننسَ سُنن التدافُع بين الحق والباطل والإيمان والكفر؛ ﴿ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ﴾ [البقرة: 251]، ولا ننسَ ما قِيل للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ [فصلت: 43]، وما قيل للرسل هو الباطل.
12- معلوم أنَّ التيار العلماني يستهدف الإسلامَ عقيدةً وشريعةً، ولا فرق لديه بيْن الإخوان والسلفيِّين، كيف يتعامَل الإسلاميُّون مع هذا التيَّار؟
التيار العلماني متناقِض مع نفْسه، يتعارض مع العقل والفِطرة والشريعة، فهو تيَّار يريد إقصاء الدِّين عن دُنيا الناس، ولو استطاعوا نفي الإسلاميِّين والقضاءَ عليهم لفَعَلوا، فلا بدَّ مِن كشف هذا التيار وبيان زيفه، فهؤلاء دَمارٌ على البلاد والعباد، وسيفعلون بالوطنِ فِعلَ قوم لوط ونوح وعاد وثمود، هؤلاء تكلَّموا بالجهالة في أمة مسلِمة دِينها الرسمي الإسلام، والشريعة الإسلاميَّة هي المصدر الرئيسي للتشريع فيها، وقدْ سبَقهم في العلمانية مبارك والقذافي والأسد وعلي عبدالله صالح، فكل هؤلاء أقاموا دولةً مدنيَّة لا صِلة لها بالإسلام، فهل تحقَّقتِ العزَّة والكرامة؟! وهل تطوَّرتِ الدنيا وتحضرت؟! فإنْ قالوا: هذه شذوذات، قلنا لهم: فلماذا تحتجُّون بأخطاء البشَر لإقصاء حُكم خالِق البشر؟! لقد تطاول العلمانيُّون على مقامِ الخِلافة والصحابة؛ نُصرةً لديمقراطية وعلمانية رجعيَّة متخلِّفة ظلامية مِن وضْع البشَر، نحتاج لأسلحةٍ من الخُلُق الفاضل، وتضافُر الجهود، وعمَل دؤوب يتواصَل فيه الليل بالنهار.
13- لماذا لا يَسعَى قادةُ السلفيَّة لإقامة مؤتمر ضخْم يضم كل الأفكار الإسلاميَّة الموجودة على الساحة، والخروج ببوتقة فِكريَّة موحَّدة؛ مِن أجل بناء الدولة؟
سيتمُّ هذا الأمر - بإذن الله تعالى - في الأيام القادمة، وفي مدينة القاهرة، وقد بعَث السلفيُّون برسائل طمأنة للصوفية والنصارَى، فكيف لا يتمُّ توثيق الأواصر والروابط بين أبناء الجسَد الواحِد، وخصوصًا في مِثل هذه المرحلة التاريخيَّة، التي تتطلَّب توحيدَ الجهود، وتعميق القواسم المشترَكة.
14- يَظهر على الساحة خلافٌ وتوتُّر شديد بيْن الإخوان والسلفيِّين، بل وبين السلفيِّين أنفسهم، ألا يؤدِّي هذا الخلاف إلى استهلاك الطاقات في إثارة هذه الخلافات والنِّزاعات، وإتاحة الفُرصة للعلمانيِّين لاستغلال هذا الخِلاف واستغلاله لصالحهم؟
الخلافُ والتوتُّر الذي يظهر لا بدَّ مِن احتوائه وعلاجه؛ حتى لا تتفاقم الفجوة ويؤدِّي الأمر إلى انشقاق وتفتيت الصفوف، ممَّا يترتب عليه شماتةُ الأعداء، وأن نتعامل بالمنطق الأمريكاني: مَن ليس معنا فهو علينا، أو أن نُكرِّس للحزبيَّة والعصبيَّة المقيتة، لا بدَّ أن تتكاتَف الجهود لتكثير الخير والصلاح، وتقليل الشر والفساد، وتَعبيد الدنيا بدِين الله، وأن نكونَ يدًا واحدة على عدوِّ الله وعدوِّنا، وأن نَحذرَ مِن نزَغات شياطين الإنس والجن، وسياسات فرِّق تسُد، أو أن نرَى القذَى في عيون الآخرين ونتجاهَل أمثال الجبال في أنفُسِنا، ومَن أراد نُصحَ إخوانه فليكُنْ ذلك وَفقَ الضوابط الشرعيَّة، وشرْعُ الله مصلحةٌ كله، وحيثما كانت المصلحة فثَمَّ شرْعُ الله.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/World_Muslims/0/33025/#ixzz1RakmSKlS
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.