اسم الكتاب: العقلية الليبرالية في رصف العقل ووصف النقل.
المؤلف: عبد العزيز بن مرزوق الطريفي .
دار النشر : دار الحجاز للنشر والتوزيع – مصر
عدد الصفحات : 243صفحة .
--------------------0
تحدث الكاتب في مؤلفه عن مفهوم الليبرالية، وربط بينه وبين الحياة الدينية والاجتماعية الغربية،كما تعرض لليبرالية بأنواعها المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبين أن هذا الفكر غير جديد على الواقع الإسلامي، وأثبت وجوده من خلال التعرض لمصطلح السُّدويَّة الوارد في القرآن الكريم .
كما تعرض الكاتب لما يعرف بالليبرالية الغربية والليبرالية الشرقية ثم جاء بمصطلح جديد وهو الليبرالية الخديجة، أي غير المكتملة، وقد يكون أول من أتي بهذا المصطلح، وقد قصد منه الليبرالية التي تحاول الجمع بين الدين وأصول الليبرالية.
ثم عرض المؤلف للأصول التي تنطلق منها الليبرالية، وخلال الصفحات القادمة سنعرض قراءة سريعة وتلخيصا لأهم الأفكار والمحاور التي دار عليها الكتاب.
المقدمة:
بدأ المؤلف كتابه بمقدمة طويلة أصَّل فيها لعدة ثوابت عند التعرض للفكر الليبرالي، حيث بين أن الليبرالية لا تقوم إلا على العقل، وأن اللِّيبرالية فِكر عَقلي يبدأ من العقل وينتهي إليه، يتسع باتساع العقل وقوته ويضعُف بضعفه، ولا يوجد شيء يتحاكم إليه غيره في شأن الفرد وفي شأن المجتمع ونظامه.
ثم بين أن الفكر الليبرالي فكر قاصر محدود ويكفي لفهم عدم محدودية الفكر الليبرالي النظر إلى القناعة الباطنة التي يُؤصل لها، وهي الإيمان بأنه يحق لكل أحد أن يختار لنفسه ما يُريد من دين وسلوك وفكر وقول وفعل مهما كان ذلك شاذًّا عن طبيعة البشر، وإن خالفه غيره، فلكل أحد حق متساوٍ في وجوب القبول من الآخَر.
وأنه فكر لا يعتني بالبواطن وتصحيحها، بل عنايته بالظواهر؛ لأنه فكر دُنيوي مادي محض، لا ينمي الارتباط بما وراء المادة، بل لا يعترف بغيرها في الحياة، ولا يرى الخوض في الدين وقضايا الآخرة؛ لأن ربط أي شيء منها بأمر دنيوي محسوس يؤثر فيه، فمقتضى سمات الفكر الليبرالي العامة وأصوله الفصل بينهما، بل يُضعف أمر الآخرة ولا يهتم بها.
وتحت عنوان زيف الحقائق في مقدمته، بين الشيخ أنه متى كان أحد الداعين قويا في إظهار قوله فأتباعه أكثر ولو كان مخطئًا، ولكن متى ما انخفض صوته تبدد أتباعه، ورد على ذلك بأن العاقبة للقول الصحيح، لأن قوة الحق في باطنه، وحقيقته وجوهره ثابتان، وإنما الضعف والتغيير يكونان لوجهه وصورته بالتقبيح والتشويه، وأن هذا التقبيح يزول بزوال المقبح له، والجوهر والحقيقة ثابتان يظهران ولو بعد حين ، وأما الباطل فبطلانه في جوهره ثابت، والتغيير يكون لوجهه وصورته بالتحسين والتزييف، وهذا التحسين يزول بزوال المحسن له .
ثم نبه الشيخ على أمر في غاية الخطورة والأهمية، وهو تبني الساسة والحكام للأفكار المنحرفة و العقائد الفاسدة وأثر ذلك في دفع الناس إليها، حيث بين أنه متى دعت إليها و تبناها ساسة دولة ما ،فإنها تصرف العقول عن توازنها في استيعاب الصحيح والخطأ، لأن السلاطين والملوك و أهل الجاه لهم هيبة في نفوس العامة تَضعف معها القلوب، فتأتيها تلك الأفكار وهي ضعيفة فتستقر، ولذا يقول عمر رضي الله عنه:" إن الله لَيَزَع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" , لأن لأقوال وأفكار أهل السلطان والملك هيبة تكسر حصون العقل المحكَمة و أبوابه، وتنفُذ إليه، لكن جميع هذه الأقوال والأفكار تزول وتتلاشى بموتهم، ما لم يخلُفُهم مِثلُهم. وكثير من الحُكَّام لقوَّة تأثيرهم في كثير من النفوس يكتفون في إقرار ما يُريدون من الأفكار والأفعال بمدح الموافق ورفعه، حتى يتبعه غيره ليكون مثل منزلته، من غير تهديد أو وعيد، وهذا حاصل وواقع .
-الليبرالية نواتها وثمارها.
تحت هذا العنوان كشف الشيخ عن أن الفكر الليبرالي ضد التقعيد والتأصيل، وإذا فلا يوجد لدي أصحابه مقدَّس أو معظم من كتاب أو منظِّر لا يُخرَج عن قوله، و إنما هو عقل الفرد عليه تدور الأفعال والأقوال، وهذا سبب عدم فهم كثير من الناس لليبرالية وسبب الخطأ في تفسيرها، أو الانسياق خلف صورة واحدة وترك الباقي.
وكان من ثمرات هذا الاضطراب أن أصبح عائقًا عن معرفة مقادير الصواب والخطأ عند معتنقي الليبرالية، فتسيرهم الشهوات والشبهات والأهواء والمصالح الخاصة لذواتهم ودولهم، والواحد منهم لا يعرف الأصول الجامعة لهذا الفكر والتي يندرج تحتها جميع الأجزاء، فهو لا يعتد بأي أمرٍ من غير العقل الخاص، والأمر الخارج عن العقل مهما كان قائله لا يعنيه شيئًا، بل هو باطل، فهم يرون الانعتاق من المقدَّس، الذي يأخذ صورة الأمر والنهي ولو مخففًا، حتى بلغ بكثيرٍ منهم الترفع عن البداءة بالبسملة في الكتب والرسائل؛ خروجًا من هيمنة المقدَّس بزعمهم.
-الليبرالية و السُّدويَّة .
ثم وضح المؤلف أن لهذا الفكر جذورا قد تحدث عن القرآن الكريم، حتى أنه سماهم، فقال المؤلف إن" الاسم الصحيح المطابق لليبرالية كما سماها القرآن هو ) السُّدويَّة (كما قال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى}، قال الشافعي:" لم يختلِف أهلُ العلمِ بالقرآن فيما علمتُ أن السٌّدى الذي لا يُؤمَر ولا يُنْهَى".. وذلك أنهم يؤصلون للانعتاق من كل أمرٍ، وكُل آمرٍ، وما لا يمكن إنكاره يتم تأويله أو إفراغه من محتواه وإلغاء ثمرته.
-العلمانية الفلسفة الأم لليبرالية.
كشف المؤلف تحت هذا العنوان العلاقة الوطيدة بين كل من الليبرالية و العلمانية فوضح أن الأساس الفلسفي لليبرالية، بل والجسر الذي تَعبر عليه سائر الأفكار العقلانية حتى الماركسية، هي العلمانية، فكل ماركسي وليبرالي علماني بالضرورة، فالليبرالية تطبيق من تطبيقات العلمانية، والعلمانية فلسفة تسبق كل نظام يَفصل الدين ويُنحِّيه أو يلغيه بالكلية عن الحياة.
ثم عن أن سبب الصراع بين الليبراليين والدين، أساسه ناتج من الصراع الذي حدث بين الكنسية والعلمانية في أوروبا، وقال بأن الكنسية اعتادت أن تقسم الناس إلى قسمين :
-القسم الأول: وهو ما أطلق عليه "إكليروس"، وهم رجال الكهنوت أو رجال الدين، وهم الصلة بين العبد وربه، ورجل الكهنوت هو أب الاعتراف الذي يرتبط به الشخص النصراني مدى الحياة، فالأصل في كل مولود يخرج إلى الحياة عدم الاعتراف بنصرانيته حتى يتم تعميده من قِبَل القِسّ، ولا يُعترف بزواجه إلا بتشريعه، و إن أذنب اعترف له بكل خطيئة يعملها لتُغفَر له، ويمنحه َصكّ الغفران لقبول التوبة، وعند الموت هو مَن يتولى مراسيمه من تكفين وغيره وبلا ذلك فميتته ليست على الدين.
-والقسم الثاني: ما ليس من القسم الأول، وهم جمهور الناس وسوادهم، وهم (العلمانيون)، وهم كل فرد ليس من القسم الأول القليل، مهما كان وصفه وقيمته وحرفته، جاهل أو متعلم، فقير أو غني، وهم كل من لا يرتبط بالرب مباشرة.
وعلى هذا الأساس دار الصراع مع الكنيسة، وسعى العلمانيون إلى تحرير العقول من قيد رجال الدين ( الكنيسة )، ثم لما صدِّر هذا الفكر إلى العالم الإسلامي لم يفرق معتنقوه بين الدين الإسلامي الذي يلغي كل واسطة تحول بين العبد وربه، وبين رجال الكهنوت من أهل الكتاب الذين يُريدون وضع أنفسهم أبوابًا لا يدخل أحد إلى الله إلا من خلالها .
فالإسلام عندهم في ساحة واحدة مع البوذية واليهودية والنصرانية والهندوسية وغيرها، ولأن أول صراع لليبرالية مع الدين كان مع رجال الكهنوت فإنهم تعاملوا مع كل دين على ذات النحو .
ووضح المؤلف أن الليبرالية الشرقية دعت إلى سلوك أحد طريقين في مواجهة الإسلام؛ إما النكوص والانتكاسة والاستسلام للإسلام ووضوحه، أو تمرير الفكر ولو مع غياب الضمير والقصد الحسن، وأشار المؤلف إلى طريق ثالث، وقال أن الليبراليين لم يتخذوه ذلك لفشل جدواه، وهذا الطريق هو مواجهة الإسلام صراحة ، وهذا ما لا سبيل إليه، لأن التاريخ أثبت فشله.
ولذا ظهر ما يعرف بالليبرالية المضطربة الخديجة، والتي نادى أتباعها بالجمع بين الفكر الليبرالي الحر وبين الانتماء إلى الدين .
-الليبرالية الخديجة.
في هذه النقطة يكشف المؤلف عن أن الليبرالية الشرقية ليبرالية خديجة، غير مكتملة، وذلك لاختلاف الدين الإسلامي الذي تواجهه باسم العقل عن غيره، فخالق المادة ومُنزِل الدين المتكفل بحفظه واحدٌ، فنِتاج المادة العقلي الصحيح لا يتعارض مع الوحي الصحيح الصريح، وكثيرٌ من المسلمين ممن رجع إلى معرفة الإسلام بعد تدثره بالليبرالية، واستعماله ذات الآلات والمصطلحات والمعاني التي واجه بها الغربيون دينهم، وجد نفسه أمام مواجهة تختلف وتتباين عن غيرها،فبدأ بالتنازل عن بعض ممارساته لوضوح الحِكَم والعلل الشرعية في كثيرٍ من أحكام الله لعباده.
كما بين المؤلف أن الليبرالية الخديجة نشأت في ظل السياسة الشرقية، وظهرت الدعوات التي تؤصل لليبرالية في حياة الناس الخاصة بأسماء أُخرى وطرح شرعي من الكتاب والسنة، وظهرت المدارس الفكرية التي تدعوا إلى العصرنة الاجتماعية باسم تجديد الدين وتطويره، وتدعمها السياسات بإبرازها، والحجر على غيرها، ولكُلٍ هدف وغاية .
ثم بين مدى تجاهل و جهل الليبراليين بمنهجهم، وأن كثير ممن يتدثر بالليبرالية من «الشرقيين » يقرأ النقد لليبرالية ويتهم النقاد بعدم الفهم ويقول:«ليست هذه ليبراليتي» ، وهو صادق مع نفسه، لأنه أخذ من الليبرالية ما يحتاج إليه، وجهل وتجاهل الباقي، وأقنع نفسه بإطلاق الليبرالية على ما وصل إليه، وبقي في صراع مع كثيرٍ من ممارساتها ولوازمها يشده الدين تارة إن كان ذا دين، والقبيلة تارة إن كان ذا قبيلة،و أنظمة السلاطين الصارمة، وكذلك العُرف وعمل الناس، ويستقر في ذهنه ما رغبه الهوى وأذن به السلطان واستطاع تسوُّره من العُرف والعادة والدين، وما عدا ذلك فيمسك عنه متى علم أنه سيُخفق ولن ينال مراده.
-إدراك نهايات الأفكار.
وتحت عنوان إدراك نهايات الأفكار بين المؤلف أن الليبرالية قبل قرنين لو عرف منظروها أنها ستنتهي باستساغة الشذوذ الجنسي وتشريعه و أن الرجل يتزوج الرجل في محفل عام بوثائق قانونية، فيضاف الرجل في جواز سفر الآخر كزوج! وكذا المرأة مع المرأة! واستساغة التعري بحيث يُغطَّى القُبُل وحلمة الثدي فقط، لم تقم دعوة لهذا الفكر، فهم أدركوا من أين يبتدئ الفكر بهم ولكن لم يُدركوا نهايته وحدَّه، ولم يُدركوا حقيقة العقل أنه يجمح إلى الأمام دائمًا ليفك قيده، وليس من تركيبة العقل الرجوع إلى الوراء، والشيطان يحدو به ويُسليه حتى ينتهي إلى ما لا يمكن أن ينتهي إليه بشرٌ صحيح الفطرة.
-الليبرالية والسياسة.
بين المؤلف هنا العلاقة بين الليبرالية والحكم والسياسة، وقال بأن العقل الليبرالي لا يؤمن بحُكم الواحد المنفرِد على الجماعة والأمة، ولا فرق عندهم بين الفرد النبي ولا الفرد غير النبي، ولا يؤمن الليبرالي بوضع دين يضبطه، و إنما يؤمن بأن يَحْكُم العقل نفسه بنفسه، فيجتمع الأفراد على وضع نظام وحاكم يجتمع عليه كلهم أو بعضهم، تحت ما يُصطلَح عليه بالانتخابات والبرلمانات، وهي لا تؤمن بالمُلْك المتوارث فضلًا عن المُلك الظالم المستبد، و إنما رضي أكثرهم بتنصيب الحاكم بأغلبية الأصوات مع وجود أصوات قليلة ترفض؛ لأنه لا يمكن تلافي عصيان القلة.
ولتتميم حرية الفرد، وحقه في القول والفعل، لا بد من إبعاد السلطة عليه ولو كانت حكومة منتخبة، ويكون عملها عليه الإشراف والرقابة.
وتسعى الليبرالية إلى تنحية تحكيم أي شيءٍ غير العقل في شأن الفرد والجماعة، وعلى هذا يؤصلون - بصورة احترام - تنحية أي دين عن الحياة والسياسة، والحكم والقضاء والاقتصاد، وهذا يصح في الدين المحرف المنسوب إلى الله فيما لم يقله، ولكنه في القرآن المحْكم لا يُقبل إلا مع نفي الإيمان عن صاحبه.
ثم أشار المؤلف إلى شيء تمكين الحكام المسلمين للبراليين في مؤسسات الإعلام والصحافة، من شانه أن يزيل ويسقط نظام هذا الحاكم وملكه، وأشار إلى أن مَن عَرف الليبرالية المشرقية أيقن أنها بدأت في كثير من تأصيلها بمواجهة الدين والعادات والأعراف الحسنة، وستنتهي بنقض الدول التي لا تتواءم معها، و أبينها الدول التي تُعنى بتوريث الملك.
-أصول الليبرالية.
الأصل الأول : التحليل المادي.
بين فيه المؤلف أن الفكر الليبرالي يؤصل للمادية، ويكثر من طرحها، ولو عارضت النصوص الصريحة في القرآن والسنة والإجماع، ويعطل ويلغي العلل الغيبية ولا يُسلِّم بها ما دامت تتعارض مع التحليل العقلي الذي يصل إليه الإنسان لتقرير مصلحة دنيوية، ويقوم بمعارضة أي عقيدة أو فكر يناقض التحليل المسلّم لديه، ويتهم المخالف بالتخلف والغباء والجنون وأشنع الأوصاف، حتى لو استند إلى كلام الله ورسوله.
ثم بين المؤلف عدم انضباط التحليل المادي، حيث أن تحليل العقول للماديات واعتمادها عليه في كل حال، يورث عدم اتزان وخلطا في بعض الجهات والمعلومات الأخرى، ويظهر ذلك في أحوال ذكر بعضها المؤلف، منها:
-أولا: الإيغال في الأفكار الدقيقة يُعمي عن الكبيرة.
-ثانيًا: أثر المشاهد ولو ضعُف يُضعِف الغائب ولو قوي.
-ثالثًا: ثبوت مناقضة العقل لنفسه.
-رابعًا: ثبوت الخطأ في الماديات.
-خامسا: تطبع الإنسان على الخطأ و أثره في النتائج.
ثم لخص أثار هذا الأصل في عدة نقاط وهي :
-أولا: إضعاف الباطن.
-ثانيا: إضعاف الإيمان.
-ثالثا: إضعاف وازع الطبع (الفطرة والضمير).
الأصل الثاني: الحرية.
وهو أصل أصيل قامت عليه الليبرالية، وخدعت به خلقا كثيرا،وقد بين المؤلف أن هذا الأصل هو نتاج تعظيم العقل وتقديسه لكي يختار ما يريد، وكثيرا ما يتجنى العقل الليبرالي في مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى تحت هذا الأصل.
الأصل الثالث: المساواة.
عرض المؤلف لمفهوم هذا الأصل وبين مدى تلاعب الليبراليين به، وبين أن كثيرًا ما ينادي دعاة الليبرالية بهذا الأصل، ويمثلون عليه بأمثلة صحيحة لا تُشكِّل شيئًا كبيرًا من تطبيقات هذا الأصل و صوره، حتى يمر هذا الأصل على الأذهان ويؤخذ على التسليم والقطع، فينادي به من سمعه هكذا بلا تفريق وحد وضبط.
وكثيرًا ما يخوض الليبراليون في أمر المرأة ومساواتها مع الرجل من جميع الوجوه ونبذ التمييز ولو كان فطريًّا، وهذه غفلة فطرية وزلة عقلية، فالأصل الصحيح عقلًا ودينًا أن تُساوى المرأة مع المرأة، والرجل مع الرجل؛ لاختلاف الجنس المؤثر في الحكم، وهذا لا يعني انفصالًا مطلقًا في أبواب الحقوق، فوجود الاتفاقات الكثيرة بين المخلوقات لا يعني تساويها في الباقي، فالإنسان ذاته يتفق مع البهائم بوصف الحيوانية والسمع والبصر والمشي والأكل والشرب، ويختلف عنها بشيء أوجب خروجه عنها في باب المساواة والمقارنة.
الأصل الرابع: حب الذات أكثر من الغير .. الأنانية.
بين المؤلف أن أصول الليبرالية يُكمل بعضها بعضا، ومتلازمة تلازمًا لا ينفك، فإذا كان للإنسان حرية فردية خاصة لا يخرج عن تأليهها، فلازم ذلك أنه لا يعتد بحق غيره مما هو من مصلحته الخالصة، وإذا اقترن ذلك بانعدام الدين وضعفه، وعدم الإيمان بنازع الفطرة والضمير، يكون لديه انعدام الإحسان إلى الغير إلا لأجل المصالح الخاصة، كصلة الأرحام وبر الوالدين والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أثر العمل بمبدأ الحرية في انتشار الإسلام.
يقول المؤلف:"وكثيرٌ من الغربيين يفعل شيئًا من الإحسان لبقايا دينية وفطرية فيه، ولكنها ضعيفة جدًّا؛ لأنها لا يمكن أن تنشأ مع وجود مبدأ المساواة المطلق، وكمال حرية الأفراد، وهذا الأصل الذي تقرر في نفوسهم كان له أثر نافع في بعض وجوهه، وهو سهولة دخول كثير من النصارى الغربيين إلى الإسلام، دون التفات أحد إليهم، بخلاف النصارى الشرقيين والوثنيين، ولله حكمة في ذلك، وهو أن الإسلام لم ينتشر في الغرب إلا بعد إلغاء هيبة الدين المحرف من النفوس باسم الحرية المنفلتة".
.------------------.
ملاحظات على الكتاب:
- يعد هذا الكتاب من أهم الكتب التي ألفت في نقد الليبرالية والعقل الليبرالي، خاصة أن المؤلف قد دعَّم كلامه بردود عقلية ونقليه، وأسهب في الرد النقلي من الكتاب والسنة .
- عندما تعرض المؤلف للكلام عن العلمانية وعلاقتها بالليبرالية، لم يبين نقاط الاتفاق والاختلاف بينهما .
- قلة النقل عن المراجع الأجنبية أو عن المؤسسين لهذا المذهب، والاعتماد كثيرا على الجانب النقدي التحليلي .
- إن الكاتب لم يتعرض لمفهوم الليبرالية إلا بعد منتصف الكتاب كما أنه لم يسهب في تعريف المصطلح .
حمل الكتاب من هنا http://www.4shared.com/document/yBbNRLkt/aqleah.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.