الحروب الصليبية

الأحد، 4 سبتمبر 2011

في بلادنا ثورات...د.أحمد يوسف الدعيج


ليس بالضرورة ان ما يحدث من ثورات في الكثير من البلاد العربية، أو ما اصطلحوا على تسميته بربيع العرب، يبشر بالخير الكثير، فالشعوب العربية بسبب تخلفها المزمن لا تزال، بصورة أو بأخرى مسلوبة الارادة، الدول العربية التي خضعت طيلة قرون لاستعمار الدول الأجنبية اما بالاحتلال المباشر أو بالتبعية المطلقة لايزال الغرب يصنفها ضمن دول العالم الثالث، أو الدول المتخلفة، واذا أرادوا ان يرفعوا من معنوياتها قالوا الدول النامية أو «الدول النايمة» كما يحلو لبعض الظرفاء العرب ان يسموها، في البلاد العربية


حدثت ثورات على بعض الأنظمة الوراثية «الرجعية» لتقوم على أنقاضها أنظمة جمهورية أكثر رجعية من الأنظمة التي أسقطوها ودكتاتوريات دموية معمرة عمدت بمرور الوقت على ابتداع نظام حكم غير مسبوق يهدف الى توريث أبناء رؤساء الجمهوريات عبر نظام حكم «جمهوري وراثي»، مثلما حدث في سورية وكاد ان يحصل في عراق صدام حسين، ومصر واليمن وليبيا، فكيف تكون الجمهوريات وراثية؟

انها الثقافة العربية المهيمنة على الكثير من نواحي الحياة، فالعرب عاشوا منذ آلاف السنين في ظل أنظمة حكم وراثية، ومن المؤكد ان لهذا الأمر تأثيراً واضحاً على تركيبتهم الجينية «السياسية» ولذلك ما ان يصل رئيس جمهورية عربي عبر ثورة أو انقلاب أو حتى عن طريق انتخابات صورية، فانه يصبح ديكتاتورا مزمنا يتم «تعميده» بدم المعارضين من أبناء شعبه.
في تونس كانت البداية ولكن لايزال رموز النظام السابق يسيطرون على الكثير من الأوضاع، وفي مصر أكبر الدول العربية كانت الثورة بسبب الظلم والاستبداد والقمع الذي تعرض له الأشقاء المصريون منذ ثورة 23 يوليو 1952 التي أطاحت بالنظام الملكي الوراثي فالأوضاع لا تزال مضطربة على الرغم من مرور ما يقارب سبعة أشهر على سقوط الرئيس حسني مبارك، الى هذه اللحظة لا يريد البعض للأوضاع داخل مصر ان تستقر وكل من لا يعجبه أمر ما يقوم عبر وسائل التواصل الالكترونية بالدعوة قائلا «ما تيجو يا جماعة نروح ميدان التحرير ونعمل اعتصام»

ومع استمرار تدهور الأوضاع أو حتى تعافيها ببطء شديد ربما يؤدي هذا الى دعوة الكثيرين لقيام نوع من الديكتاتورية العادلة، لبعض الوقت، حتى تستتب الأمور وتستقر الأوضاع، وبمرور الوقت يستمرئ الديكتاتور العادل الوضع الجديد ويتحقق بذلك المثل الشعبي المعبر «وكأنك يا بو زيد ما غزيت».
الأوضاع في اليمن خطيرة جدا ومصير الرئيس اليمني علي عبدالله صالح قد حسم سلفا، ليس المهم مصير الرئيس، صالح تُبّع اليمن (تبع هو الملك الذي يحكم اليمن «الشمالي»، وحضرموت، والشِحْر «تتبع حضرموت») ولكن مصير اليمن بشماله وجنوبه هو الأهم ومن الواضح ان الثورة في اليمن المستمرة منذ مدة طويلة سينتج عنها تفكك اليمن مرة ثانية الى يمن شمالي وآخر جنوبي.

ليبيا ابتليت بديكتاتور من نوع مختلف أحكم قبضته على الليبيين طيلة 42 عاما، ثار الناس عليه بدعم عسكري وسياسي واضح من الدول الغربية (سيارات بيك أب مثبت عليها رشاشات خمسين لا تسقط نظاما دمويا مثل نظام معمر القذافي).

ثارت الشعوب العربية أم استكانت فان أنظمتها السياسية الجديدة مصيرها وتوجهها معروف مقدما، انه الخضوع والتبعية المطلقة لارادة دول الغرب القوية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، مثلما هو الحال في الأنظمة العربية التي لم تصلها بعد عدوى الثورات البائسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.