الحروب الصليبية

الأحد، 6 فبراير 2011

اللهم إنها مصر

يا أرحم الراحمين إنها مصر ... التي بكى فيها يوسف ويعقوب وهم يتعانقون
أمام الجماهير فرحاً باللقاء , فانفجرت مآقي الملايين على مرّ السنين
لمشهد اللقاء الحزين والمؤثر .
يا أكرم الأكرمين إنها مصر ... التي أرسلت إليها يوسف الشاب الوسيم لينقذ
اقتصادهم وحياتهم من المجاعة والفقر .
يا رب إنها مصر ... مصر التي رضع فيها موسى من ثدي الخوف والحرمان , مصر
التي شرب موسى من نيلها ولعب بين أشجارها , مصر التي أرسلت أنبيائك
ليحرروا أهلها من الطغيان ....
يا رب إنها مصر ... التي رحلت إليها العائلة المقدسة , تلك المرأة
العظيمة مريم العذراء وهي تحمل نبي العطف والحنان عيسى , يا رب إنك
أمنتهم في مصر , بين نخلها ومائها وهوائها .
يا رب إنها مصر ... التي خرجت منها هاجر , تلك الفتاة المصرية الوديعة
الساكنة , لتعيش عندنا هنا في الحجاز عند بيتك المحرم بوادي غير ذي زرع
مع ولدها إسماعيل .
يا رب إنها مصر ... التي خرجت منها مارية لتعيش مع نبيك الكريم محمد ,
فكانت زينة البيت النبوي وزهرته وأم ولده .
يا رب إنها مصر ... التي حملت لغة العرب , وحملت ثقافة العرب , مصر التي
عاشت ضاحكة باسمة , اللهم إنّ شعبها لم يكونوا من الغلاظ القساة بل كانوا
ألطف العرب وأكثرهم فرحاً وصخباً ..
بين نخيل باسقات , وشجيرات جميلات تتراقص الحياة المصرية , على ضفاف
النيل وبين ربوع المدنية الجميلة تعيش هناك يا رب زينة الشعوب العربية .
أيها العرب اتقوا الله في مصر .
إنّ للعرب فيها رحماً , إنهم وصية النبي الكريم , وهم بقايا تاريخ الأرض
, فهنا الأنبياء , وهنا الفراعنة , وهنا نشأ فلاسفة الأرض , وهنا الشعراء
والأدباء , هنا العلم والعلماء , الدوحة الندية تبدأ من مصر , وتنتهي
بمصر , وتشيح بوجهها عن أقطار كثيرة .
من يسرق ابتسامة الكادح المصري ؟ , إنهم يضحكون رغم ألم الحياة , وهل
رأيت مصرياً يضحك بصوت خافت ؟, وهل تدري أنه يضحك رغم قلة ما في اليد! ,
ويضحك رغم قسوة الحياة التي يعيشها , حتى الطرف والنكات أجمل ما تكون عند
العرب أجمع هي ما صدرت من الشعب المصري وباللهجة المصرية اللذيذة ..
إنهم يرقصون رغم ضنك الحياة , فهل رأيت شعباً من العرب يرقص في كل مكان ؟.
إنهم كرماء بفطرتهم وسجيتهم , يجود بكل ما يملك رغم ضنك الحياة وضيقها
عند كثير منهم , إنهم شعب ناعم الخلق , وايمّ الله إنه لتخدشهم الكلمة ,
وتؤثر فيهم النظرة , إنهم شعب مميز في شعوب العرب , ففيهم رقة في الطبع ,
وهم بحق أنيس للجليس , وفيهم ذكاء خارق , وبساطة وعذوبة في الكلام ,
فاتقوا الله في مصر وشعبها اللطيف .
ليست مصر إلا قصص القرآن , وهم بحق أبطال القصص التي في الكتب السماوية
الثلاثة , ففي قصورها كانت تعيش زوجة فرعون المؤمنة المحتشمة , وفي
قصورها امرأة العزيز وصويحباتها , في أرضها يعيش الأبطال الذين سيصلبون
على جذوع النخل من أجل كلمة الحق , وفيها يعيش هارون الذي ملك الفصاحة
والبيان .
هنا مرّ إبراهيم أبو الأنبياء , وهنا تفطر قلب أم موسى , وهنا ثبت الله
قلب أم موسى , هنا فوق ماء النيل قذفت تلك المرأة المصرية برضيعها ليكون
البطل القادم قد ولد في رحم المعاناة والتعب , وهنا الفتاة الشابة التي
خرجت تترقب من بيتها وهي تبحث عن أخيها المفقود , وهنا المرأة الصالحة
تصرخ وهي تطالب الفرعون ألا يقتل الشرفاء أيها الفراعنة الأشرار ( لا
تقتلوه عسى أن ينفعنا )...
تتقاطر العبرات كلما تذكر الإنسان مصر , ففيها الفسطاط , هنا قبور
الصحابة الكرام , هنا معارك الإسلام الخالدة لإنقاذ الشعب المصري المسالم
.
هنا العلم وموطنه , هنا مكتبة الإسكندرية , هنا حضارة العرب المعاصرة
والغابرة , وفيها تاريخ العالم , هنا كانت الفلاسفة تتصارع , وهنا الأزهر
الذي بناه الباطنية ليكون منبراً لذم الإسلام وحرب الإسلام , هاهو تحول
على يد المصريين الشرفاء ليكون منارة الهدى والإشعاع للعالم الإسلامي
أجمع ..
مصر العظيمة.. هنا كان موعد الفراعنة الفاصل مع موسى يوم الزينة والعيد
الفرعوني , وهنا خرجت مظاهرة الشعب التاريخية في يوم عيد وزينة أمن
وشرطة الفرعون .
مع موسى حُشر الناس ضحى , وجاءوا بسحر عظيم , واسترهبوا الناس , وفي
لحظات النصر الإلهية نطق الحق , وخرس الباطل , وهنا تراجع السحرة , وبطل
السحر , وأظهر الله ضعف الفرعون , لقد حشر الفرعون جنوده , وألقى بسحره
وزبانيته , ولكن لحظات الإيمان جعلت الموقف أعظم , فقد القي السحرة
ساجدين , وأسلم السحرة برب موسى قبل أن يأذن الفرعون ..
وفي يوم الشرطة وعيد الشرطة والأمن بعد موسى بخمسة ألاف سنة خرج الشعب
ولكن هذه المرة بدون موسى , ولكن الدعوة واحدة ( إن فرعون علا في الأرض )
.
كان موعد الشعب مع الفرعون , في يوم زينة الشرطة وعيدهم ألقى الفرعون
بقوته , وجاء بعسكره وجنوده , ولكنهم أمن الفرعون وحرسه هربوا وانسحبوا
من الشوارع بعد ثلاثة أيام خائبين ذليلين ..
لقد طغى فرعون , حتى كان خزيه تاريخاً للطغاة , هكذا خاطبة الله يا فرعون
: ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ) , لم يذهب من ملك مصر بشرف
يحمله , ولا خرج من ملكه بدعاء ووداع حار ودموع تشيعه , ولكنه خرج والأمة
تلعنه , والشعوب تلفظه , والأيام تنكره , ليكون لمن خلفه آية .
في مصر أرض الشرفاء وأرض الكرم والوفاء , خرج يوسف من سجنه ليطعم الشعب
لا لينتقم منهم , خرج من سجنه ليمد يده لليتيم والفقير والأرملة , خرج
ليتعلم الناس منه معاني الرحمة والعطف الشفقة بالشعوب , خرج ليصنع
الاقتصاد النافع , خرج ليصنع الخطط المستقبلية الناجحة , لم ينتقم لنفسه
أو يحاول إفساد الحرث والنسل .
يا رب ...أننا ندعوك دعاء المتضرع , وندعوك ونحن نرجوك , ندعوك من جوار
بيتك ونحن الضعفاء بين يديك ..
يا رب ...إنك تعلم حاجات نفوسنا , وتعلم ما تسر صدورنا , وأنت تعلم يا رب
أنه تعجز الحروف عن صياغة أو وصف ما نريد قوله لهول الموقف , ولكننا
ندعوك ويكفي أن نقول فيها دعائنا ...: ( اللهم إنها مصر ) ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.