اتفق علماء اللغة على أن السلف يطلق على الماضى المتقدم .
· قال الجوهري فى الصحاح (603) :
"سلف يسلف سلفاً أى : مضى ، والقوم السلاف المتقدمون ، والجمع أسلاف ، وسلاف ، والسلف نوع من البيوع يعجل فيه الثمن ، وتضبط السلعة بالوصف إلى أجل معلوم ، والسلف والسليف المتقدم ، والتسليف التقديم "ا هـ.
· وقال الرازى فى مختار الصحاح (309):
"سلف يسلف بالضم مضى ، والقوم السلاف المتقدمون ، والجمع أسلاف " اهـ .
· قال الراغب الأصفهاني فى مفرداته (244):
"السلف : المتقدم ، قال تعالى (وجعلناهم سلفاَ ومثلاَ للآخرين) ....ولفلان سلف كريم : أي آباء متقدمون "اهـ.
· وقال الفيروز آبادى فى القاموس المحيط (3/158):
"والسلف ..... كل من تقدمك من آبائك وقرابتك "اهـ .
· وجاء في العين ( باب السين واللام والفاء معهما ) :
" سلف: أسلفته مالاً: أقرضته، والسلف من القرض.والسَّلَفُ: كلُّ شيءٍ قَدَّمْتَه فهو سَلَفٌ، والفعل سَلَفَ يسلُفُ سُلُوفاً.والقومُ إذا أرادوا أن يَنْفِروا فمن تقَدَّم من نَفيرهم فسَبَقَ فهو سَلَفٌ لهم، قال:
نحن مَنَعُنا مَنبِتَ النَّصِيِّ بسَلَفٍ أَرعَنَ عَنْبَريِّ
والسُّلْفَةُ: ما يَتَسَلَّفُ الرجلُ فيأكُلُ قبل غَدائه.والأُمَم السالفة الماضية أمام الغابرة، قال:
ولاقَتْ مناياها القُرونُ السَّوالِفُ كذلك تَلقاها القرون الخوالِف
أي يموت من بقِيَ كما ماتَ من مَضَى. " اهـ
· وجاء في المقتضب ( باب السين واللام والفاء ) :
السلَفُ: من القَرْضِ، أسْلَفَ إسْلافاً، وتَسَلَّفْتُ واسْتَسْلَفْتُ. وكذلك ما قَدمْتَه أمامَكَ فهو سَلَفُك، والفِعْلُ: سَلَفَ يَسْلُفُ سُلُوْفاً. وكذلك القَوْمُ إذا أرادوا النَفْرَ فَمَنْ تَقَدمَ من نَفِيْرِهم فَسَبَقَ فهو سَلَفٌ. والمُسْلِفُ: الجارِيَةُ إذا كانَتْ فَوْقَ الكاعِبِ، وقد أسْلَفَتْ. وبَعِيْرٌ مُسَالِفٌ: أي مُتَقَدِّمٌ. وهذا سَلِيْفٌ من الناسِ: أي سَلَفٌ، وهو ضِد الخَلِيْفِ. والأمَمُ السالِفَةُ: هي الماضِيَةُ أمَامَ الغابِرَةِ، وهي السَّوَالِفُ.اهـ
• وجاء في تهذيب اللغة ( مادة سلف ) :
والسلَف أيضا: من تقدَّمك من آبائك وذوي قرابتك الذين هم فوقك في السنّ والفضل، واحدهم سالف، ومنه قول طفيل الغنوي يرثي قومه:
مَضَوا سَلَفاً قَصْدُ السبِيل عليهمُ وصَرْفُ المَنايا بالرِّجال تَقَلَّبُ
أراد أنهم تقدَّمونا وقصد سبيلنا عليهم أي نموت كما ماتوا فنكون سلفاً لمن بعدنا كما كانوا سلفاً لنا.
وقال الفراء في قول الله جل وعز: (فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ ) [ الزخرف : 56 ] يقول: جعلناهم سَلَفاً متقدِّمين ليتّعظ بهم الآخرون.
قال: وقرأ يحيى بن وثّابٍ " سَلَفاً " مضمومة مثقّلة.
قال: وزعم القاسم أنه سمع واحدها سَلِيفاً، قال: وقرئ " سلَفاً " كأن واحدتها سُلفة، أي قطعة من الناس مثل أُمة.
وقال الليث: الأُمم السالفة: الماضية أمام الغابرة، وتُجمع سوالف، وأنشد في ذلك:
ولاقَتْ مَناياها القُرونُ السَّوالِفُ كذلك يَلْقاها القُرونُ الخَوالِفُ .اهـ
• قال ابن منظور في لسان العرب ( مادة سلف ) :
والسلَفُ أَيضاً من تقدَّمَك من آبائك وذوي قَرابَتِك الذين هم فوقَك في السنِّ والفَضْل واحدهم سالِفٌ ومنه قول طُفيل الغَنَوي يَرْثي قومه:
مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السبيلِ عليهمُ وصَرْفُ المَنايا بالرِّجال تَقَلَّبُ
أَراد أَنهم تقدّمونا , وقصدُ سَبيلِنا عليهم أَي نموت كما ماتوا فنكون سَلَفاً لمن بعدنا كما كانوا سلفاً لنا .وفي الدعاء للميت:واجعله سلَفاً لنا قيل هو من سَلَفِ المال كأَنه قد أَسْلَفَه وجعله ثمناً للأَجر والثواب الذي يُجازى على الصبر عليه وقيل سَلَفُ الإنسان مَن تقدَّمه بالموت من آبائه وذوي قَرابته ولهذا سمي الصدْر الأَول من التابعين السلَف الصالح ومنه حديث مَذْحِجٍ نحن عُبابُ سَلَفِها أَي مُعْظَمها وهم الماضون منها وجاءَني سَلَفٌ من الناس أَي جماعة اهـ
قلتُ : ومنه قول النبى صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضى الله عنها :"فإنه نعمَ السلفُ أنا لكِ " أخرجه مسلم (2450/98).
والسلفى هو : المنسوب أو المنتسب للسلف ، لأن الياء هذه ياء النسبة ، فالسلفى هو الذى ينسب نفسه ،أو ينسبه غيره للجماعة المتقدمين ، ولابد من علة لهذه النسبة.
هذه العلة ليست سوى تحقيقه-أو زعمه التحقيق-بجانب السبق الذى صار به أولئك سلفاً ، تقدم به على الخلف معه فى السير أو حيازة الفضل الذى كان السابقون به سلفاً ، ونحو ذلك (1).
· واصطلاحاَ :
ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأتباعهم وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة وعرف عظم شأنه في الدين، وتلقى الناس كلامهم خلفاً عن سلف، كالأئمة الأربعة وسفيان الثوري والليث بن سعد وابن المبارك والنخعي والبخاري ومسلم وسائر أصحاب السنن، دون من رمي بالبدعة أو شهر بلقب غير مرضي مثل: الخوارج والروافض والمرجئة والجبرية والجهمية والمعتزلة .(2)
فكل من التزم بعقائد وفقه هؤلاء الأئمة كان منسوبًا إليهم وإن باعدت بينه وبينهم الأماكن والأزمان، وكل من خالفهم فليس منهم وإن عاش بين أظهرهم وجمع بهم نفس المكان والزمان .
و يعضد هذا الذي ذهبنا إليه قول الإمام البخاري رحمه الله – فى صحيحه
[ باب : الركوب على الدابة الصعبة ، والفحولة من الخيل ، وقال راشد بن سعد : كان السلف يستحبون الفحولة لأنها أجرى وأجسر].
قال الحافظ ابن حجر فى الفتح(6/51) :
"قوله: (كان السلف) : أى من الصحابة فمن بعدهم" اهـ.
قلتُ : راشد بن سعد ، من الثالثة ، كثير الإرسال ، قد روى عن جماعة من الصحابة ، فيكون المقصود بالسلف هنا : الصحابة ، ومن تبعهم على طريقتهم من التابعين .
وقال (5/2068): باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام واللحم وغيره.
وقال أيضاً : قال الزهري في عظام الموتى - نحو الفيل وغيره - :"أدركت ناساً من سلف العلماء يمتشطون بها، ويدّهنون بها ولا يرون بأساً" فتح الباري (1/342).
وأخرج مسلم من طريق محمد بن عبد الله قال سمعت علي بن شقيق سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رؤوس الناس دعوا حديث عمرو بن ثابت فإنه كان يسب السلف. مقدمة صحيح مسلم ص6
وقال الأوزاعي: اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم قل بما قالوا، وكف عما كفوا، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم". الشريعة للآجري ص58
- وقال القاضى عياض فى "إكمال المعلم "(8/553):
"بين السلف اختلاف كبير فى كتابة العلم من الصحابة و التابعين " اهـ. فحد السلف بالصحابة و التابعين .
- قال القلشانى –رحمه الله- فى " تحرير المقالة" (36):
"السلف الصالح وهو الصدر الأول الراسخون فى العلم ، المهتدون بهدى النبى صلى الله عليه وسلم ، الحافظون لسنته ، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه ، وانتخبهم لإقامة دينه ، ورضيهم أئمة الأمة ، وجاهدوا فى سبيل الله حق جهاده ، وأفرغوا فى نصح الأمة ونفعها ، وبذلوا فى مرضاة الله أنفسهم .اهـ
- قال السفارينى – رحمه الله- فى الواقع الأنوار (1/20):
"والمراد بمذهب السلف ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وأعيان التابعين لهم بإحسان وأتباعهم وائمة الدين ممن شهد له بالإمامة وعرف عظم شأنه فى الدين وتلقى الناس كلامهم خلفاَ عن سلف دون من رمي ببدعة أو شهر بلقب غير مرضى مثل الخوارج و الروافض والقدرية و المرجئة والجبرية والجهمية و المعتزلة و الكرامية ونحو هؤلاء "اهـ
وقال السمعاني في الأنساب (3/273): "السلفي؛ بفتح السين واللام وفي آخرها فاء: هذه النسبة إلى السلف، وانتحال مذاهبهم على ما سعمت منهم"اهـ
وقال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (21/6) عند ترجمة : الحافظ أحمد بن محمد المعروف بـ أبي طاهر السلفي: "السلفي بفتحتين وهو من كان على مذهب السلف".اهـ
* وقال في ترجمة الفسوي "وما علمت يعقوب الفسوي إلا سلفيًا" السير (13/183)
* وقال في ترجمة محمد بن محمد البهراني : "وكان ديناً خيراً سلفياً". معجم الشيوخ : (2/280)
* وقال في ترجمة: أحمد بن أحمد بن نعمة المقدسي: "وكان على عقيدة السلف" معجم الشيوخ : (1/34)
* وقال في السير(16/457) " وصحّ عن الدارقطني أنه قال: ما شيء أبغض إليّ من علم الكلام.
قلت- أي الذهبي - لم يدخل الرجل أبداً في علم الكلام ولا الجدال، ولا خاض في ذلك، بل كان سلفياً".
* وقال في ترجمة ابن الصلاح "قلت وكان سلفياً حسن الاعتقاد كافّا عن تأويل المتكلمين " تذكرة الحفاظ (4/1431)
* وقال في ترجمة عثمان بن بن خرزاذ الطبري : "فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون تقيا ذكيا نحويا لغويا زكيا حييا سلفيا" السير (13/380)
* وقال في ترجمة الزبيدي "وكان حنفيا سلفيا" السير (20/317)
* وقال في ترجمة ابن هبيرة "وكان يعرف المذهب والعربية والعروض سلفيا أثريا" السير (20/426)
* وقال في ترجمة ابن المجد "وكان ثقة ثبتا ذكيا سلفيا تقيا" السير (23/118)
* وقال في ترجمة يحيى بن إسحاق: "وكان عارفاً بالمذاهب خيراً متواضعاً سلفياً حميد الأحكام ... ". معجم الشيوخ رقم (957).
- سئلت اللجنة الدائمة : ما هى السلفية وما رأيكم فيها ؟
الجواب:
" السلفية نسبة إلى السلف ، والسلف هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدي من أهل القرون الثلاثة الولى – رضى الله عنهم- الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير فى قوله(خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجىء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينة ويمينة شهادتة) رواه الأمام أحمد فى مسنده والبخارى ومسلم ، والسلفيون جمع سلفى نسبة إلى السلف ، وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف من اتباع الكتاب و السنة والدعوة إليهما و العمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة و الجماعة "اهـ (3)
و تعريف "السلف" بالصحابة و التابعين لا نجده عند أهل الحديث فقط، بل كان الاصطلاح متداولاً وواردًا عند أهل الكلام ، قال أبو حامد الغزالي في "إلجام العوام عن علم الكلام" (ص62) مُعَرِّفًا السلف : "أعني مذهب الصحابة و التابعين" .اهـ
وقال الشيخ محمد أمان الجامي – رحمه الله - : " عندما نطلق كلمة السلف إنما نعني بها من الناحية الاصطلاحية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين حضروا عصره فأخذوا منه هذا الدين مباشرة غضاً طرياً في أصوله وفروعه. كما يدخل في هذا الاصطلاح التابعون لهم الذين ورثوا علمهم قبل أن يطول عليه الأمد، والذين شملتهم شهادة الرسول لهم وثناؤه عليهم بأنهم "خير الناس" حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" ، كما يشمل الاصطلاح تابعي التابعين." اهـ(4)
- قال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز –رحمه الله-:
"إن السلف هم أهل القرون المفضلة ، فمن اقتفى أثرهم وسار على منهجهم فهو (سلفى) ومن خالفهم فى ذلك فهو من (الخلف)" اهـ (5)
- وقال سماحة الشيخ بكر بن عبد الله ابو زيد – رحمه الله- :
" وإذا قيل : السلف ، أو السلفيون ، أو لجادتهم : السلفية : فهى هنا نسبة إلى السلف الصالح : جميع الصحابة رضى الله عنهم من الخلوف الذين انشقوا عن السلف الصالح باسم أو رسم ، .... وعليه فإن لفظه (السلف) هنا يعنى : السلف الصالح ، بدليل أن هذا اللفظ عند الإطلاق يعنى كل سالك فى الاقتداء بالصحابة رضى الله عنهم حتى ولو كان فى عصرنا .. وهكذا ، وعلى هذا كلمة أهل العلم ، فهى نسبة لم تنفصل لحظة واحدة عن الصدر الأول ، بل هى منهم وإليهم ، اما من خالفهم باسم او رسم ، فلا وإن عاش بينهم ، وعاصرهم ، ولهذا تبرأ الصحابة رضى الله عنهم من القدرية و المرجئة ونحوهم "اهـ .(6)
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - في شرح العقيدة الواسطية (1/53ـ54) ما نصه : "... يخطئ من يقول : إن أهل السنة والجماعة ثلاثة : سلفيون، وأشعريون، وماتريديون، فهذا خطأ نقول : كيف يكون الجميع أهل سنة وهم مختلفون !! ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ) [ يونس:32] ، وكيف يكونون أهل سنة وكل واحد يرد على الآخر؟! هذا لا يمكن إلا إذا أمكن الجمع بين الضدين. فنعم وإلا فلا شك أن أحدهم وحده هو صاحب السنة . فمن هو ؟! الأشعرية ؟ أم الماتريدية ؟ أم السلفية ؟ نقول : من وافق السنة فهو صاحب السنة، ومن خالف السنة فليس صاحب سنة، فنحن نقول : السلف هم أهل السنة والجماعة ولا يصدق الوصف على غيرهم أبداً، والكلمات تعتبر بمعانيها. لننظر كيف نسمي من خالف السنة أهل السنة لا يمكن، وكيف يمكن أن نقول: عن ثلاث طوائف مختلفة إنهم مجتمعون فأين الاجتماع ؟ فأهل السنة والجماعة هم السلف معتقداً حتى المتأخر إلى يوم القيامة إذا كان على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنه سلفي" .اهـ
إذن فالسلفية عَلم على أصحاب الاقتداء بالسلف الصالح من الصحابة و التابعين من القرون الثلاثة الأولى المشهود لهم بالخيرية ، و من حيث المضمون فتعني السلفية في الإسلام كما يقول الدكتور مصطفى حلمي في كتابه "السلفية بين العقيدة الإسلامية و الفلسفة الغربية"(ص 5) " التعبير عن منهج المحافظين على مضمونه في ذروته الشامخة ، و قمته الحضارية ،كما توجهنا إلى النموذج المتحقق في القرون الثلاثة الأولى المفضلة و فيها تحقق الشكل العلمي و التنفيذ الفعلي، و منه استمدت حضارة المسلمين أصولها و مقوماتها ممثلة في العقيدة خضوعًا للتوحيد ، و بيانًا لدور الإنسان في هذه الحياة ، و تنفيذا لقواعد الشريعة الإلهية بجوانبها المتعددة ، في الاجتماع و السياسة و الاقتصاد و روابط الأسرة و فضائل الأخلاق".اهـ
و هي من جهة أخرى اقتداءً بالنبي محمد صلى الله عليه و سلم و سائر الأنبياء عليهم السلام ، و هذا يتضح من خلال التدرج في الدعوة و البدء بالأهم و مراعاة ما يسمى بـ "فقه الأولويات"، فالدعوة السلفية إصلاحية تعمل على النهوض بالفرد قبل المجتمع أو بتعبير آخر تسعى لتربية النفس قبل الدعوة إلى إصلاح الأنظمة ، و من هنا سر اهتمام السلفية بالتوحيد و دعوتهم لإخلاص العبادة لله و نبذ الشرك بكل مظاهره و الإنكار على أصحاب الطرقات و الغالين في الأولياء ،و هذا سيرًا على نهج الأنبياء في البدء بالدعوة إلى التوحيد، قال تعالى مبينا ذلك (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[ النحل : 36] و قال تعالى (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) [ الأعراف:65] و قال كذلك ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) [ الأعراف:73] و الآيات التي تبين أهمية الدعوة إلى التوحيد و نبذ الشرك كثيرة في الوحيين ، بل هي لب الرسالات السماوية و جوهرها و غايتها الأولى.
عكس بعض الحركات الإسلامية التي تعمل على تعبئة الجمهور بتبنيها لإيديولوجيا إسلامية ، لكنها أبعد ما تكون عن الاقتداء بمنهج الرسول صلى الله عليه و سلم.
وعليه....
فليس مجرد هذا التحديد الزمنى كافياً فى الانتساب الصحيح للسلف ، بل لابد أن يضاف إلى ذلك موافقة الكتاب والسنة فى العقيدة و الشريعة و السلوك ، فمن خالف رأيه ما جاء فى القرآن الكريم ، وما صح من السنة النبوية الشريفة ، فليس بسلفى ، وإن عاش فى القرن الأول للهجرة ، ذلك أننا نجد بعض من عاشوا فى زمن الصحابة رضى الله عنهم وهم ضلال مضلون بعيدون كل البعد عن عقيدة السلف ومنهجهم ، أمثال عبد الله بن سبأ الذى قال لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه : أنت الإله حقًا ، وزعم أن عليًا لم يمت ، ولم يقتل ، وأن فيه الجزء الإلهي ، ولا يجوز أن يستولى عليه , وأنه هو الذى يأتى فى السحاب ن والرعد صوته ، والبرق سوطه ، وابتسامته , وأنه سينزل إلى الأرض فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً.(7)
ونافع بن الأزرق الذى تبرأ من عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما ، وكفر مخالفيه من المسلمين , واستحل دماءهم ، وانكر رجم الزانى المحصن .(8)
ومعبد بن خالد الجهنى الذى ظهرت بدعته فى القدر فى زمان المتأخرين من الصحابة رضى الله عنهم .
لذلك ينبغى أن نتثبت فى كل ما لدينا من اخبار واراء نقلت إلينا على انها تمثل مذهب السلف حتى نعرضها على الكتاب و السنة ، وما ثبت عن السلف الصالح رضى الله عنهم ، فمن كان على هذا النهج فهو سلفى ، وإن عاش فى عصور متأخرة ، ومن خالفه فهو غير سلفى وإن عاش فى زمن الصحابة رضى الله عنهم.
وعلى ذلك فإن السلفية هى :"ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين ، واتباعهم ، وأئمة الدين فمن شهد له بالإمامة ، وعرف عظم شأنه فى الدين ، وتلقى الناس كلامهم خلفاً عن سلف ، كالأئمة الربعة وسفيان الثورى ، والليث بن سعد ، وابن المبارك ، والنخعى ، والبخارى ، ومسلم، وسائر أصحاب السنن ، دون من رمى ببدعة ، أو اشتهر بلقب غير مرضىٍ مثل الخوارج ن والروافض ، والمرجئة ، والجبرية ، والجهمية ، والمعتزلة".(9)
[ ملحوظة : البحث طويل وسوف انشره على حلقات بإذن الله تعالى , وهو فصل مستل من كتابي : السلفية والسلفيون في مصر ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.