الكثير من المصطلحات أصبحت تتداول بكثرة فى وسائل الإعلام منذ فترة، مع ترديد مفاهيم مضللة تشرحها وتوضح معانيها بصورة كاذبة لتشويه المعانى الحقيقية لهذه المصطلحات، ومن أبرز ما يتم تداوله بشكل خاطئ، مصطلحان ذوا أهمية كبيرة جداً وهما "السلفية" و"الوهابية".
ونبدأ هنا بالسلفية وهى المنهج الإسلامى الوسطى والمعتدل، الذى وصل إلينا متواتراً عن طريق الصحابة الكرام وتابعيهم من الصالحين والأئمة والعلماء الأفاضل، مثل الأئمة الأربعة وغيرهم من علماء الحديث والفقه والتفسير، الذين أوصلوا إلينا المنهج المنقى من البدع والخرافات، والذى لا يعتمد إلا على الأدلة من القرآن والسنة، وهو منهج أهل السنة والجماعة، وهو فهم صحيح الدين حسبما ورد عن الصحابة والتابعين، إلا أن الإعلام ابتعد عن معنى السلفية الحقيقى وشوهها لصالح شخصيات وجماعات بعينها، تهدف لنشر التفرقة بين المسلمين، وزرع العديد من الفتن فى المجتمع، وتصف وسائل الإعلام بعض المشايخ الأجلاء بأنهم متشددون ومتطرفون، على الرغم من أنهم علماء يحافظون على وسطية الدين، إلا أن الكثير يراها تشدد، لأننا نحن مفرطون وأنا أولكم فى الكثير من أمور ديننا وأصبح العديد منا يرفض كثير من الأحكام الدينية لتعارضها مع مصالحه الشخصية حسب اعتقاده.
وبعد ثورة يناير ودخول الفاسدين إلى جحورهم وسطوع الدين مره أخرى مع سطوع شمس الحرية والتى كنا نحلم بها، وجدنا الحرب ضد الإسلام تشتد ضراوة، فأصبح الكثير من وسائل الإعلام تروج الأخبار والإشاعات الكاذبة، وتربط العديد من الحوادث الإجرامية بأتباع المنهج السلفى، فتارة نجد مشاجرة بين عائلتين بسبب خلافات شخصية تتحول فى الصحافة إلى مجموعة من السلفيين يحطمون المقاهى ومحال بيع الخمور، وأخرى بين بعض مجموعة من الناس، وشخص يدير شقة للأعمال المنافية للآداب يحولها الإعلام إلى "السلفيين يقيمون الحد على قبطى ويقطعون أذنه"، علما بأنه لا يوجد فى الإسلام حد بقطع الأذن من الأساس، وتارة أخرى يصورون كأن لم يكن بالبلد أى معدلات للجريمة قبل الثورة فى محاولة من بعض خفافيش الظلام لتصوير الحرية بالنسبة للسلفين بأنها طامة كبرى، ستحرق البلد وهذا كذب وافتراء.
الملفت للنظر فى هذا الأمر أننا لم نجد فى كلام أى وسيلة إعلامية أدلة على صدق قولهم، بالإضافة إلى تصيدهم لكلمات الدعاة أو تعبيراتهم عن فرحتهم، حتى ولو أخطأ البعض.
لماذا إذا لم يتم على الجانب الآخر الكتابة فى الإعلام عن كلمات رجل أعمال شهير قال أرفض الديمقراطية إذا كانت ستبقى على المادة الثانية من الدستور؟ ويحاول جاهداً أن يفرض وجهة نظره هو فقط، وصاحب وسيلة إعلامية كبرى قال بالحرف "خسرنا الاستفتاء، لكن الخناقة اللى جاية هانستعد لها كويس جداً"، ولم يلتفت أحد إلى كلماته، وعندما قال شيخ لفظ "غزوة" قامت الدنيا ولم تقعد، فلماذا تكيل العديد من وسائل الإعلام بمكيالين؟ خاصة وهذا ما كنّا نعانى منه جميعا فى السابق، ونطالب بالعدالة.
أرجوا من وسائل الإعلام أن تهتم بالضمير المهنى فى العمل، وألا تكون مجرد قواعد مكتوبة أو معلنة فقط، بدون عمل بها، وأتمنى أن نستخدم الحرية فى التعبير عن الحقيقه فقط مقرونة بالأدلة، حتى نستطيع جميعاً بناء مصر كدولة إسلامية تحكمها قواعد شريعتنا العادلة، والتى لا خلاف على أنها منهاج حياة متكامل، سواء سياسياً أو اجتماعياً أو أخلاقياً، أو حتى روحياً وعملياً، فالإسلام ممتلئ بالسياسة النقية العادلة، والكثيرون يقولون أنه لا سياسة فى الدين على عكس الحقيقة، ألا إن السياسة الموجودة فى شريعتنا قائمة على التهذيب وحرية الاختلاف وإدارة الدولة بحكمة وعدل، على عكس السياسات الوضعية، والتى يصفها الكثيرون بالسياسة القذرة، والتى تحول المجتمعات إلى غابات كل من فيها يحاول القضاء والسيطرة على الآخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.